وحيث جاءهم مثل الضمير المنفصل في قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [آل عمران : ٣٥] ذكروا فيه ثلاثة أوجه أيضا ، وحيث جاءهم مثل الضمير المنفصل في قوله تعالى : (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) [المائدة : ١١٧] ذكروا فيه وجهين ،
______________________________________________________
وتحريك لرغبته في الاستماع ، وذلك لا سيما مع حذف المبتدأ ، أو الفعل أدل دليل على الاهتمام بالمذكور ، وذلك يكون لمدح أو ذم ، أو نحو ذلك مما يعنيه المقام ، وقال ابن مالك : إنه التزم حذف الفعل إشعارا بأنه لإنشاء المدح كالمنادى ، ثم التزم في الرفع حذف المبتدأ ليجري الوجهان على سنن واحد ، وحيث ظرف لغو عامله الفعل من قوله ذكروا ، وتقديمه عليه للاهتمام ، لأنه بصدد تعداد الأماكن التي وقع فيها التكرار ، وأما تقديمه على الظرف الآخر اللغو ، وهو فيه فواجب لئلا يعود الضمير على غير متقدم.
(وحيث جاءهم مثل الضمير المنفصل من قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [آل عمران : ٣٥] ، ذكروا أيضا ثلاثة أوجه) هي كون أنت تأكيدا للضمير المنصوب ، وكونه فصلا ، وكونه مبتدأ مخبرا عنه بما بعده ، وأيضا مفعول مطلق حذف عامله وجوبا سماعا ، كما ذكر بعضهم أو حال حذف عاملها وصاحبها ، أو وقع ذلك معترضا بين ذكروا والمفعول الذي هو ثلاثة أوجه ، والأصل ذكروا فيه ثلاثة أوجه أرجع إلى الإخبار عنهم بذكر الأوجه الثلاثة رجوعا ، أو أخبر بما تقدم راجعا إلى الإخبار عنهم بذكر الأوجه الثلاثة فعلى الأول هو مفعول مطلق ، وعلى الثاني هو حال من ضمير المتكلم.
واعلم أن أيضا : كلمة لا تستعمل إلا مع شيئين بينهما توافق ويمكن استغناء كل منهما عن الآخر ، فخرج بالشيئين جاء زيد أيضا مقتصرا عليه لفظا وتقديرا ، وبالتوافق بينهما ، نحو : جاء زيد ومات عمرو أيضا ، وبإمكان الاستغناء نحو : اختصم زيد وعمرو أيضا فلا يقال شيء من ذلك على هذه الوجوه المحترز عنها ، وإنما تستعمل هذه الكلمة عند وجود الضابط المذكور ، وهي هنا مصدر آض بمعنى رجع وأعربه جماعة في مثل قال زيد كذا ، وقال أيضا حالا من ضمير قال المستكن على أنه بمعنى اسم الفاعل مثلا ، أي : وقال أيضا ، أي : راجعا إلى القول ، وهذا إنما يحسن إذا صدر القول المقيد بالحال بعد صدور قول سابق حتى يصح أن يقال : إنه راجع إلى القول بعد ما فرغ عنه ، وليس ذلك شرطا في استعمال أيضا بدليل صحة ، قلت اليوم كذا ، وقلت أمس أيضا ، والذي يطرد في جميع المواضع ما قدمناه ، ويؤيده أنك تقول : عند زيد مال ، وأيضا علم فلا يكون قبلها ما يصلح للعمل فيها فتحتاج إلى التقدير فتأمله.
(وحيث جاءهم مثل الضمير المنفصل من قوله تعالى : (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) [المائدة : ١١٧] ذكروا فيه وجهين) هما كونه تأكيدا ، وكونه فصلا ، وسقط كونه مبتدأ لنصب ما بعده.