ولا لـ «مشتركون» ، لأن معمول خبر الأحرف الخمسة لا يتقدّم عليها ، ولأن معمول الصلة لا يتقدّم على الموصول ، ولأن اشتراكهم في الآخرة لا في زمن ظلمهم.
وممّا حملوه على التعليل : (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ)
______________________________________________________
زمانيين مثلا كالذي نحن فيه بطريق الاستقلال ، بحيث لا يكون الثاني تابعا للأول ، (ولا) يكون ظرفا (لمشتركون ؛ لأن معمول خبر الأحرف الخمسة) ، وهي إن وكأن ولكن وليت ولعل ، (ولا يتقدم عليها) أي : على تلك الأحرف ، وكان الأولى بالمصنف أن لو قال : الأحرف الستة لتدخل أن المفتوحة التي فيها الكلام ؛ إذ هي التي في الآية فيستقيم التعليل ظاهرا ، وتقريره أن يقال : ثبت أن معمول كل من الأحرف الستة المشبهة بالفعل لا يتقدم على ذلك الحرف ، وأن المفتوحة منها فلو جعلت في الآية ظرفا لمشتركون للزم تقديم معمول ما هو من تلك الأحرف الستة عليه وهو باطل.
وأما مع الاقتصار على الخمسة فيرد عليه أن المفتوحة ليست منها والكلام إنما هو في المفتوحة ، فيقال في الاعتذار عن عدم عدها مع الخمسة : إنها تركت كما فعل سيبويه ومتابعوه ؛ لأنها فرع عن المكسورة ، ولم يكن بالمصنف في هذا المقام داع إلى ارتكاب مثل هذا حتى يعتذر عنه ؛ (ولأن معمول الصلة لا يتقدم على الموصول) ، وبيان ذلك أن أن المفتوحة موصول حرفي لتأوّلها مع صلتها بمصدر ، وصلتها معمولاها الاسم والخبر وقد فرض أن إذا المتقدمة على أن ظرف لخبرها الذي هو مشتركون ، فلزم تقديم معمول بعض الصلة على الموصول وهو محذور ، قلت : ويتجه على المصنف أن يقال : كان الصواب أحد الأمرين :
إما أن يسقط العلة الثانية ويقال : الأحرف الستة كما مر.
وإما أن يسقط العلة الأولى ويثبت الثانية ، وأما الجمع بينهما فمشكل ؛ وذلك لأن العلة في امتناع تقديم معمول خبر الأحرف الخمسة عليها أن لها الصدر ، والعلة في ذلك بالنسبة إلى المفتوحة ما تقدم من كونها موصولا لا هذه العلة ؛ فإنها مسلوبة الصدرية بدليل أعجبني أنك محسن وكرهت أنك مسيىء ، إذا تقرر ذلك فنقول : إن أراد خصوص الخمسة فقط فلا معنى لذكرها في هذا المقام ، وإن أراد الخمسة مع ما يتفرع عن بعضها لتدخل المفتوحة فلا معنى للجمع بين الأمرين المذكورين ؛ إذ ليست العلة في الحكم المذكور بالنسبة إلى المفتوحة أمرين كونها من الحروف المشبهة بالفعل وكونها موصولا حرفيا ؛ إذ العلة هي الثانية لا الأولى فتأمله ؛ (ولأن اشتراكهم في الآخرة لا في زمن ظلمهم) الواقع في الدنيا ، فلا يصلح تعلق إذ ظلمتم بمشتركون.
(ومما حملوه على التعليل) قوله تعالى : (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ)