لتأخّره ؛ فهو كقوله [من مجزوء الوافر] :
١٢٥ ـ لميّة موحشا طلل |
|
[يلوح كأنّه خلل] |
ولا كونه اسم عين ، لأن «دون» ظرف مكان لا زمان ، والمشار إليه بذلك التجاوز المفهوم من الكلام.
وقالت الخنساء [من المتقارب] :
١٢٦ ـ كأن لم يكونوا حمى يتّقى ، |
|
إذ النّاس إذ ذاك من عزّ بزّا |
«إذ» الأولى ظرف لـ «يتّقى» ، أو لـ «حمى» ، أو لـ «يكونوا» إن قلنا : إن لـ «كان» الناقصة مصدرا ؛
______________________________________________________
إخوانا (لتأخره) عن الحال (فهو كقوله :
لمية موحشا طلل) |
|
يلوح كأنه خلل (١) |
الطلل ما شخص من آثار الدار ، والخلل من الأضداد يطلق على العظيم وعلى الحقير والمراد هنا الثاني ، (ولا كونه اسم عين ؛ لأن دون ظرف مكان لا زمان ، والمشار إليه بذاك التجاور المفهوم) فقد ظهر لك أن بيت الأخطل مما قد يظن من لا خبرة له أن إذ فيه مضافة إلى مفرد بالنسبة إلى قوله إذ ذاك ، إذ ليس فيه ما يمنع ظاهرا من كون ذاك في محل جر ، وأما نحن فلا يتخيل فيه ذلك ؛ لكونه ضمير رفع إلا على هذهب الأخفش ، وعلى الجملة فتخريج البيت على ما ذكروا فيه في الموضعين مضافة إلى جملة.
(وقالت الخنساء :
كأن لم يكونوا حمى يتقى |
|
إذ الناس إذ ذاك من عز بزا) (٢) |
وهذا أيضا مما يظن فيه غير الخبير أن إذ من قولها إذ ذاك مضافة إلى مفرد ، وليس كذلك على ما سيبينه والحمى هو الممنوع مما يضره ، ويتقي يحذر ويخاف ومن عز بز مثل مشهور ، ومعناه من غلب أخذ السلب ، (إذ الأولى ظرف ليتقي أو لحمى ، أو ليكونوا إن قلنا إن لكان الناقصة مصدرا) ، وهو الصحيح الذي اختاره ابن مالك ، وسيأتي الكلام على ذلك في الباب الثالث إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) البيت من مجزوء الوافر ، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٣١٠ ، والخصائص ٢ / ٤٩٢.
(٢) البيت من البحر المتقارب ، وهو للخنساء في ديوانها ص ٢٧٤ ، والمستقصى ٢ / ٣٥٧.