وردّ بأن بناءها لوضعها على حرفين ، وبأن الافتقار باق في المعنى كالموصول تحذف صلته لدليل ، قال [من مجزوء الكامل] :
١٢٧ ـ نحن الأولى ، فاجمع جمو |
|
عك ، ثمّ وجّههم إلينا |
أي : نحن الأولى عرفوا ، وبأن العوض ينزل منزلة المعوّض عنه ، فكأنّ المضاف إليه مذكور ، وبقوله [من الوافر] :
١٢٨ ـ نهيتك عن طلابك أمّ عمرو |
|
بعافية ، وأنت إذ صحيح |
______________________________________________________
وعلامة جرها الكسرة ، (ورد) بأنا لا نسلم أن بناءها لافتقارها إلى الجملة ، بل لأمر آخر وهو مشابهتها للحرف وضعا ، وإليه أشار بقوله : (بأن بناءها لوضعها على حرفين) كهل وبل ، سلمنا أن بناءها لافتقارها إلى الجملة لكن لا نسلم زواله ، وإليه أشار بقوله : (وبأن الافتقار باق في المعنى) وإن زال ذلك اللفظ نطقا (كالموصول تحذف صلته لدليل) وافتقاره إليها هو سبب بنائه وقد زالت لفظا وبقي بناؤه ؛ لبقاء الافتقار إليها بحسب المعنى.
(قال) الشاعر :
(نحن الأولى فاجمع جمو |
|
عك ثم وجههم إلينا (١) |
أي : نحن الأولى عرفوا) بالنجدة والشجاعة ، ولا ينهض البيت دليلا على الأخفش إلا إذا كان يقول ببناء الموصول عند حذف الصلة ، وإلا فلو قال : معرب لأمكن في البيت ، (و) رد أيضا قول الأخفش ، (بأن العوض ينزل منزلة المعوض عنه فكأن المضاف إليه مذكور) وأنت خبير بأن هذا مبني على أن التنوين تنوين العوض ، والأخفش يمنعه كما مر ، (و) رد أيضا (بقوله :
نهيتك عن طلابك أم عمرو |
|
بعافية وأنت إذا صحيح) (٢) |
وقد مر أن الطلاب هو الطلب ، وبعافية حال من الكاف الأولى أو الثانية ، والمعنى : حال كونك متلبسا بعافية ، والاسمية المقترنة بالواو حالية من صاحب الحال الأولى ، وهي بمعناها ووجه الرد بالبيت أن إذ ظرف لقوله صحيح ، فكان القياس على تقدير كونه معربا أن ينصب فيقال
__________________
(١) البيت من مجزوء الكامل وهو لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص ١٤٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢٨٩ ، ولسان العرب ١٥ / ٤٣٧ (أولى ألاء) ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٦ / ٥٤٢.
(٢) البيت من البحر الوافر ، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب ٦ / ٥٣٩ ، ولسان العرب ٣ / ٤٧٦ (أذذ) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤ / ٣٠١.