وتبقى الفتحة دليلا عليها. فتقول : «أوون» أو «وأون» رفعا ، و «أوين» أو وأين جرّا ونصبا ، كما تقول في جمع «عصا» و «قفا» اسم رجل «عصون» و «قفون» و «عصين» و «قفين» ، وليس هذا مما يخفى على سيبويه ولا على أصاغر الطلبة ، ولكنه كما قال أبو عثمان المازني : دخلت بغداد فألقيت عليّ مسائل ، فكنت أجيب فيها على مذهبي ، ويخطّئوني على مذاهبهم ، اه.
وهكذا اتّفق لسيبويه رحمهالله تعالى.
وأما سؤال الكسائي فجوابه ما قاله سيبويه ، وهو «فإذا هو هي» هذا هو وجه الكلام ، مثل : (فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ) [الأعراف : ١٠٨] ، (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ) [طه : ٢٠]. وأما «فإذا هو إياها» إن ثبت فخارج عن القياس واستعمال الفصحاء كالجزم بـ «لن» ، والنصب بـ «لم» ، والجر بـ «لعلّ» ، وسيبويه وأصحابه لا يلتفتون لمثل ذلك ، وإن تكلّم بعض العرب به.
______________________________________________________
أمصطفون ومصطفين (وتبقى الفتحة دليلا عليها) أي على تلك الألف المحذوفة (فنقول : أوون أو وأون رفعا ، وأوين ، أو وأين جرا ونصبا كما تقول في جمع عصا وقفا) حالة كون كل منهما (اسم رجل) فجاءت الحال باعتبار كل واحد ، أو جاءت من الأخير ، وحذف من الأول أو بالعكس وإلا فمقتضى الظاهر أن يقال اسمي رجل أو اسمي رجلين (عصون وقفون وعصين وقفين ، وليس هذا مما يخفى على سيبويه ولا على أصاغر الطلبة ولكنه) أي ولكن الأمر (كما قال أبو عثمان المازني ، دخلت بغداد) بموحدة مفتوحة وغين معجمة ساكنة ودالين بينهما ألف مهملتين أو معجمتين ، أو بإهمال الأولى وإعجام الثانية ، أو بالعكس ويقال فيهما أيضا بغدان وبغدين ومغدان وهي مدينة السّلام (فألقيت) أي : طرحت (علي مسائل فكنت أجيب فيها على مذهبي ، ويخطئوني على مذاهبهم) يعني من غير أن ينظروا في الأدلة (اه ، وهكذا اتفق لسيبويه) أي : في حق سيبويه (رحمهالله تعالى ، وأما سؤال الكسائي) في قول العرب : قد كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي ، هل يجوز أن يقال فيه فإذا هو إياها (فجوابه ما قاله سيبويه : وهو فإذا هو هي هذا وجه الكلام مثل (فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ) [الأعراف : ١٠٨]) ومثل ((فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ)) [طه : ٢٠] برفع ما بعد المبتدأ الواقع بعد إذا على أنه خبره فتكون هي ضمير رفع ؛ لأنه خبر عن هو ، فإن قلت : كيف صح الحمل مع التباين وعدم الصدق ، قلت : هو مثل زيد زهير فالأصل فإذا لسعته مثل لسعتها ، أو فإذا هو مثلها في شدة اللسع (وأما فإذا هو إياها إن ثبت فخارج عن القياس ، واستعمال الفصحاء) وهذا جواب لأما لا لإن من قوله : إن ثبت وقوله : إن ثبت جملة معترضة بين أما وجوابها (كالجزم بلن والنصب بلم والجر بلعل ، وسيبويه وأصحابه) البصريون (لا يلتفتون لمثل ذلك ، وإن تكلم به بعض العرب ،