وقد ذكر في توجيهه أمور :
أحدها لأبي بكر بن الخياط ، وهو أن «إذا» ظرف فيه معنى «وجدت» و «رأيت» ، فجاز له أن ينصب المفعول كما ينصبه «وجدت» و «رأيت» ، وهو مع ذلك ظرف مخبر به عن الاسم بعده ، انتهى.
وهذا خطأ : لأن المعاني لا تنصب المفاعيل الصحيحة ، وإنما تعمل في الظروف والأحوال ، ولأنها تحتاج على زعمه إلى فاعل وإلى مفعول آخر ، فكان حقها أن تنصب ما يليها.
والثاني : أن ضمير النصب استعير في مكان ضمير الرفع ، قاله ابن مالك ، ويشهد له
______________________________________________________
وقد ذكر في توجيهه أمور أحدها لأبي بكر بن الخياط :
وهو أن إذا ظرف فيه معنى وجدت ورأيت فجاز له أن ينصب المفعول) كما ينصبه وجدت ورأيت (وهو مع ذلك ظرف مخبر به عن الاسم) المذكور (بعده اه) وهذا التوجيه بعينه منقول عن الكوفيين ، ولذلك قال الزجاج مشنعا عليهم : فإذا عندهم كالنعامة قيل لها : احملي قالت : أنا طائر فقيل لها : طيري فقالت أنا جمل ، كذلك إذا تطالب برفع ما بعدها فتقول أنا بمعنى وجدت فانصب ، فيقال فانصبي الاسم الواقع بعدك فتقول : أنا ظرف ، فإن قلت : ما معنى مطالبة إذا برفع ما بعدها فإن كان المراد رفع الاسم الذي يليها من حيث هو مبتدأ مخبر عنه بها فقد رفعته في الواقع عند الكوفيين ، ولا معنى لمطالبتها حينئذ بذلك ، إذ هو تحصيل الحاصل ، وإن كان المراد رفع الاسمين معا فما معنى مطالبتها بذلك وهي لا تقتضيه ، قلت : يحتمل أن يكون المراد مطالبتها بأن يكون الاسمان الواقعان بعدها مرفوعين ؛ لأنها تطالب برفعها هي لهما أي : بعملها الرفع فيهما ، ووجه المطالبة حينئذ أن الاسم الأول مرفوع على أنه مبتدأ باعترافهم فيكون الثاني مرفوعا على أنه خبر آخر كما يقولونه هم إذا لم يكن ثم نصب للجزء الثاني ، (وهذا) التوجيه الذي ذكره ابن الخياط (خطأ لأن المعاني لا تنصب المفاعيل الصحيحة) وهي ما لم يكن ظرفا ولا حالا (وإنما تعمل في الظروف والأحوال) كما سيجيء (ولأنها تحتاج على زعمه) بفتح الزاي وضمها وكسرها أيضا كذا في «القاموس» قال الزعم مثلثة القول الحق والباطل والكذب ، وأكثر ما يقال فيما يشك فيه (إلى فاعل وإلى مفعول آخر) غير الذي نصبته في قولهم فإذا هو إياها (فكان حقها أن تنصب ما يليها) ؛ إذ المعنى عنده فوجدته إياها (والثاني أن ضمير النصب استعير في مكان ضمير الرفع قاله ابن مالك) كما استعير ضمير الرفع في مكان ضمير الجر في قولهم : ما أنا كانت ولا أنت كانا (ويشهد له) أي للإتيان بضمير النصب في مكان ضمير الرفع