أم منقلبة عن ياء هي عين واللام ياء أخرى محذوفة كما يقول البصريون؟ والعجب من مكي بن أبي طالب إذ أورد مثل هذا في كتابه الموضوع لبيان مشكل الإعراب ، مع أن هذا ليس من الإعراب في شيء ، وبعضهم إذا ذكر الكلمة ذكر تكسيرها وتصغيرها ، وتأنيثها وتذكيرها ، وما ورد فيها من اللّغات ، وما روي من القراآت ، وإن لم ينبن على ذلك شيء من الإعراب.
______________________________________________________
(أم منقلبة عن ياء هي عين واللام ياء أخرى محذوفة كما يقول البصريون) فحكموا بأنه من الثلاثية ، لا من الثنائية ، والذي حملهم على ذلك غلبة أحكام الأسماء المتمكنة عليه كوصفه ، والوصف به وتثنيته وتحقيره وجعلوه من مضاعف الياء لأنس (١) حكى فيه الإمالة وليس في كلامهم مثل تركيب حيوه ، ولامه أيضا ياء ، وأصله ذي بلا تنوين بتحرك العين بدليل قلبها ألفا ، وإنما حذفت اللام اعتباطا أولا ، ثم قلبت العين ؛ لأن المحذوف اعتباطا كالعدم ، ولو لم يكن كذلك لم تقلب العين الأخرى إلى نحو مرتو ، وقد زعم بعضهم أن العين ساكنة وهي المحذوفة لسكونها ، والمقلوب هو اللام المتحركة ، والأول أولى ؛ لأن اللام في موضع التغيير فحذفها أولى ، ومن ثم قل المحذوف العين اعتباطا ، وكثر المحذوف اللام كدم ويد وعد ونحوها ، وقيل أصله دوي ؛ لأن باب طويت أكثر من باب حييت ، ثم إما أن تقول حذفت اللام فقلبت عينه ألفا والإمالة تمنعه ، وإما أن تقول حذفت العين وحذفها قليل. كما مرّ فلا جرم كان جعله من باب حييت أولى كذا في الرضي.
(والعجب من مكي بن أبي طالب ، إذ أورد مثل ذلك في كتابه الموضوع لمشكل الإعراب مع أنه ليس من الإعراب في شيء) وهذا كالتركيب الواقع في مثل (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) [آل عمران : ٢٨] فالظرف الأوّل صفة في الأصل لشيء لكن قدم عليه فانتصب على الحال ، فإن قلت تقديم حال المجرور عليه ممتنع على الأصح؟
قلت : ذلك إذا لم يكن الحال ظرفا ولا جارا ومجرورا ، أما إذا كانت كذلك فقد نص ابن برهان على جواز تقدمها على عاملها الذي هو ظرف ، أو جار ومجرور نقله الرضي عنه في شرح الكافية.
(وبعضهم إذا ذكر الكلمة) القرآنية (ذكر تكسيرها) أي جمعها جمع تكسير ، (وتصغيرها وتأنيثها وتذكيرها وما ذكر) وفي بعض النسخ وما ورد (فيها من اللغات وما روي) فيها (من القراآت ، وإن لم ينبني على ذلك شيء من الإعراب) وذلك كله تطويل لا يحصل فائدة في الغرض المقصود.
__________________
(١) هكذا في الأصل ولعل المراد به سيبويه.