إلا في ضرورة كقوله [من الكامل] :
١٣٢ ـ استغن ما أغناك ربّك بالغنى |
|
وإذا تصبك خصاصة فتجمّل |
قيل : وقد تخرج عن كلّ من الظرفية ، والاستقبال ، ومعنى الشرط ، وفي كل من هذه فصل.
الفصل الأول
في خروجها عن الظّرفية
زعم أبو الحسن في (حَتَّى إِذا جاؤُها) [الزمر : ٧١] أن «إذا» جرّ بـ «حتى» ،
______________________________________________________
كان فيها معنى الشرط لما تقرر من أن الحدث الواقع فيها مقطوع به في أصل الوضع ، فلم يرسخ فيه معنى أن الدالة على الغرض ، والتقدير بل صار عارضا على شرف الزوال فلهذا لم تجزم (إلا في الضرورة كقوله :
استغن ما أغناك ربك بالغنى |
|
وإذا تصبك خصاصة فتجمل) (١) |
ما مصدرية ظرفية أي : استغن مدة إغناء ربك إياك ، وبالغنى يحتمل أن يتنازعه الفعلان ويحتمل تعليقه بالأول فقط ، والخصاصة الفقر والحاجة ، وتجمل إما بالجيم أي : أظهر الجمال وعدم الحاجة ، أو كل الجميل وهو الشحم المذاب تعففا ، وإما بالحاء المهملة أي تكلف حمل هذه المشقة (قيل : وقد تخرج إذا عن كل من الظرفية والاستقبال والشرط) الثابت لها في غالب الأحوال (وفي كل من هذه فصل.
الفصل الأول في خروجها عن الظرفية.
زعم أبو الحسن) الأخفش (في) قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها) في سورة الزمر في الآية المتعلقة بالكافرين ، وهي قوله تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧١] وفي الآية المتعلقة بالمتقين وهي قوله : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧٣] وسيأتي الكلام على هذه الآية في حرف الواو إن شاء الله تعالى. (أن إذا جر بحتى) أي : وسيقوا إلى وقت مجيئهم إياها فجعلها اسم زمان لا ظرفية فيه ، ولا شرطية ، ولم ينقل الرضي هذا القول عن أبي الحسن على إمامته ، بل ذكره عن بعضهم ولم يسمعه ، ونصه :
__________________
(١) البيت من البحر الكامل ، وهو لعبد قيس بن خفاف في الدرر ٣ / ١٠٢ ، ولسان العرب ٧١٢ (كرب) ، ولحارثة ابن بدر الغداني في أمالي المرتضى ١ / ٣٨٣ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٣٣٥ وهمع الهوامع ١ / ٢٠٦.