الفصل الثالث
في خروج «إذا» عن الشرطية
ومثاله قوله تعالى : (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى : ٣٧] ، وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) (٣٩) [الشورى : ٣٩] ، فـ «إذا» فيهما ظرف لخبر المبتدأ بعدها. ولو كانت شرطيّة والجملة الاسميّة جوابا لاقترنت بالفاء مثل : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأنعام : ١٧] ؛ وقول بعضهم : «إنه على إضمار الفاء» تقدم ردّه ؛ وقول آخر «إن الضّمير توكيد لا مبتدأ ، وإن ما بعده الجواب» ظاهر التعسّف ؛ وقول آخر «إن جوابها محذوف مدلول عليه بالجملة بعدها» تكلّف من غير ضرورة.
ومن ذلك «إذا» التي بعد القسم نحو : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) (١) [الليل : ١] ، (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) (١) [النجم : ١] ، إذ لو كانت شرطيّة لكان ما قبلها جوابا في المعنى كما في قولك : «آتيك إذا أتيتني» ، فيكون التّقدير : إذا يغشى الليل وإذا هوى النجم أقسمت.
وهذا ممتنع ؛ لوجهين :
أحدهما : أن القسم الإنشائي لا يقبل التعليق ، لأن الإنشاء إيقاع ، والمعلّق يحتمل
______________________________________________________
(الفصل الثالث في خروج إذا عن الشرطية ، ومثاله قوله تعالى : (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى : ٣٧]) وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) (٣٩) [الشورى : ٣٩] فإذا فيهما ظرف لخبر المبتدأ بعدها ، ولو كانت شرطية والجملة الاسمية جواب لاقترنت بالفاء ، مثل (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأنعام : ١٧] وقد يقال : اغتفر مجيئها بدون الفاء ، لعدم عراقة إذا في الشرطية كما مر عن الرضى (وقول بعضهم إنه على إضمار الفاء تقدم رده) بأن ذلك لا يقع إلا في ضرورة الشعر (وقول آخر : إن الضمير توكيد لا مبتدأ ، وإن ما بعده الجواب ظاهر التعسف ، وقول آخر : إن جوابها محذوف مدلول عليه بالجملة بعدها تكلف لا داعي إليه) وقد يقال : بل الداعي قائم وهو إبقاء إذا على غالب أمرها ، من كونها متضمنة لمعنى الشرط.
(ومن ذلك إذا التي بعد القسم نحو (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) (١) [الليل : ١]) ونحو (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) (١) [النجم : ١] فهي في ذلك ظرف لكون محذوف كما مر ، ولا يمنع كونه حالا أي : أقسم بالليل كائنا إذا يغشى ، وأقسم بالنجم كائنا إذا هوى ولا يصح جعلها للشرط ؛ (إذ لو كانت شرطية كان ما قبلها جوابا في المعنى ، كما في قولك آتيك إذا اتيتني فيكون التقدير إذا يغشى الليل ، وإذا هوى النجم أقسمت ، وهذا ممتنع لوجهين :
أحدهما أن القسم الإنشائي لا يقبل التعليق ؛ لأن الإنشاء إيقاع والمعلق يحتمل