وقال ابن الحاجب في الثاني : الباء معدّية كما تقول : «ذهب بنعلي» ، ولم يتعرّض لشرح الفاعل ، وعلام يعود إذا قدّر ضميرا في «أودى»؟ ويصحّ أن يكون التقدير : أودى هو ، أي : مود ، أي : ذهب ذاهب ، كما جاء في الحديث : «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» ، أي : ولا يشرب هو ، أي : الشارب ؛ إذ ليس المراد ولا يشرب الزاني.
والثاني مما تزاد فيه الباء : المفعول ، نحو : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة : ١٩٥] ، (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) [مريم : ٢٥] ، (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ) [الحج : ١٥] ،
______________________________________________________
الكسائي يقول بحذف الفاعل والفراء يضمره مؤخرا منفصلا كما يجيء في محله إن شاء الله تعالى ، وذكر المصنف في الباب الثاني حيث تكلم على الجملة الاعتراضية احتمال كون البيت من باب التنازع ، وأن الثاني أعمل بعد أن ذكر احتمال كون الباء زائدة في الفاعل ، قال : والمعنى على الأول يعني احتمال زيادة الباء أوجه ، إذ الأنباء من شأنها أن تنمى بهذا وبغيره (وقال ابن الحاجب : في) البيت (الثاني الباء معدية) لا زائدة (كما تقول : ذهب بنعلي) فجعل أودى بمعنى ذهب ، وأما على القول بالزيادة فمعناه هلك على ما صرح به اللغويون ، وما قاله ابن الحاجب محتمل (ولم يتعرض لشرح الفاعل) ما هو (و) لا ذكر (على م يعود) ذلك الفاعل (إذا قدر ضميرا في أودى ، ويصح أن يكون التقدير أودى هو) وليس هذا الضمير البارز هو الفاعل المستتر ، ولكنه توكيد له (أي مود) فالضمير راجع إلى ما يقتضيه الفاعل من المحل ، الذي قام هو به (أي : ذهب ذاهب كما جاء في الحديث «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» (١) أي : ولا يشرب هو أي : الشارب إذ ليس المراد ولا يشرب الزاني) فيتقيد الوعيد بمن جمع بين وصفي الزنا وشرب الخمر ، فلا يعود الضمير المستتر في يشرب إلى الزاني بخصوصه بل إلى الشارب من حيث هو ، زانيا كان أو غير زان.
(والثاني مما تزاد فيه الباء المفعول) وزيادتها معه غير مقيسة مع كثرتها ، نص عليه ابن قاسم في «الجنى الداني» وأهمل المصنف التنبيه على ذلك (نحو (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة : ١٩٥]) ونحو (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) [مريم : ٢٥] ونحو (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ) [الحج : ٥] أي : لن ينصر الله رسوله في الدنيا والآخرة (فليمدد بسبب) أي حبل (إلى السماء) أي :
__________________
(١) أخرجه البخاري ، كتاب المظالم والغصب ، باب النهي بغير إذن صاحبه (٢٤٧٥) ، ومسلم ، كتاب الإيمان ، باب بيان نقصان الإيمان (٥٧) ، والنسائي ، كتاب قطع السارق ، باب تعظيم السرقة (٤٨٧٠).