كـ «اضرب زيدا بل عمرا» ، و «قام زيد بل عمرو» ، فهي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه ، فلا يحكم عليه بشيء ، وإثبات الحكم لما بعدها ، وإن تقدّمها نفي أو نهي فهي لتقرير ما قبلها على حالته ، وجعل ضدّه لما بعده ، نحو : «ما قام زيد بل عمرو» و «لا يقم زيد بل عمرو» ، وأجاز المبرّد وعبد الوارث أن تكون ناقلة معنى النفي والنهي إلى ما بعدها ، وعلى قولهما ، فيصبح «ما زيد قائما بل قاعدا ، وبل قاعد» ويختلف المعنى ؛ ومنع الكوفيون أن يعطف بها بعد غير النفي وشبهه ، قال هشام : محال : «ضربت زيدا بل إياك» اه.
ومنعهم ذلك
______________________________________________________
خبر موجب (كاضرب زيدا بل عمرا وقام زيد بل عمرو) على طريق النشر المطابق للف في الترتيب (فهي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه ، فلا يحكم عليه بشيء) فزيد في المثالين كالمسكوت عن الأمر بضربه ، والإخبار بقيامه ، (وإثبات الحكم لما بعدها) فعمرو في ذينك المثالين هو المأمور بضربه والمخبر بقيامه ، (وإن تقدمها نفي أو نهي ، فهي لتقرير ما قبلها على حالته وجعل ضده لما بعدها ، نحو ما قام زيد بل عمرو ولا يقم زيد بل عمرو) ، ففي المثال الأول قررت نفي القيام لزيد وأثبتت القيام لعمرو ، وفي المثال الثاني قررت النهي عن ضرب زيد وأثبتت الأمر بضرب عمرو ، وهذا هو ظاهر كلام ابن الحاجب وابن مالك ، وظاهر كلام الأندلسي أن معنى الإضراب جعل الحكم الأول موجبا كان أو غير موجب كالمسكوت عنه ، ففي قولك : ما جاءني زيد بل عمرو أفادت بل أن الحكم على زيد بعدم المجيء كالمسكوت عنه ، يحتمل أن يصح فيكون قد جاءك كما أن الأمر كذلك مع الإيجاب ، (وأجاز المبرد وعبد الوارث أن تكون ناقلة معنى النفي والنهي إلى ما بعدها) هذا مع موافقتهما للجمهور فيما تقدم ، فالأمران جائزان عندهما على ما صرح به ابن قاسم في «الجنى الداني» ، قلت : وقد صرح ابن مالك بأن ما جوزاه مخالف لاستعمال العرب (وعلى قولهما) يتأتى التفريع (فيصح ما زيد قائما بل قاعدا) بالنصب عطفا على الخبر والإيجاب ؛ لأنها نقلت معنى النفي إلى ما بعدها ، (وبل قاعد) بالرفع على أنها جعلت ضد النفي لما بعدها فهو مثبت ، لكن لا يصح العطف على الخبر ضرورة أن ما لا تعمل عند انتقاض النفي ، فيكون المرفوع بعدها خبر مبتدأ محذوف ، أي : بل هو قاعد وحينئذ لا تكون عاطفة لوقوع الجملة بعدها ، ويخرج عما الكلام فيه وهو حيث يتلوها مفرد فتكون عاطفة فتأمله ، (ويختلف المعنى) إذ القعود منفي على التقدير الأول مثبت على التقدير الثاني ، (ومنع الكوفيون أن يعطف بها بعد غير النفي) نحو : ما قام زيد بل عمرو ، (وشبهه) نحو : لا يقم بكر بل خالد ، (قال هشام : محال ضربت زيدا بل إياك. اه ، ومنعهم ذلك