مع سعة روايتهم دليل على قلّته.
وتزاد قبلها «لا» لتوكيد الإضراب بعد الإيجاب ، كقوله [من الخفيف] :
١٦٧ ـ وجهك البدر ، لا ، بل الشّمس |
|
يقض للشّمس كسفة أو أفول |
ولتوكيد تقرير ما قبلها بعد النفي ،
______________________________________________________
مع سعة روايتهم دليل على قلته) إن قصد بذلك الرد على الجمهور فيلزم القدح في كل ما منعه فريق من أهل البلدين ، وأجازه الفريق الآخر فتأمله (وتزاد قبلها لا لتوكيد الإضراب بعد الإيجاب كقوله :
وجهك البدر لا بل الشمس لو لم |
|
يقض للشمس كسفة وأفول) (١) |
أظن الكسفة بفتح الكاف فعلة من الكسوف وهو التغير إلى السواد ، والأفول الغيبوبة وهذا هو المسمى عند أهل البيان بالتشبيه المشروط كقوله :
عزماته مثل النجوم ثواقبا |
|
لو لم يكن للثاقبات أفول (٢) |
وما أحسن قول بديع الزمان :
وكاد يحكيك صوت الغيث منسكبا |
|
لو كان طلق المحيا بمطر الذهبا |
والدهر لو لم يخن والشمس لو نطقت |
|
والليث لو لم يصد والبحر لو عذبا (٣) |
(ولتوكيد تقرير ما قبلها بعد النفي) ففي مثل قولك : ما قام زيد لا بل عمرو تكون لا مزيدة لتوكيد تقرير نفي القيام عن زيد ، قال الرضي : وإذا ضممت لا إلى بل بعد الإيجاب أو الأمر نحو : قام زيد لا بل عمرو ، واضرب زيدا لا بل عمرا ، فمعنى لا يرجع إلى ذلك الإيجاب والأمر المتقدم لا إلى ما بعد بل ، ففي قولك : لا بل عمرو نفيت بلا القيام عن زيد وأثبته لعمرو ، ولو لم تجىء بلا لكان قيام زيد في حكم المسكوت عنه يحتمل أن يثبت ، وأن لا يثبت وكذا في اضرب زيدا لا بل عمرا ، أي : لا تضرب زيدا بل اضرب عمرا ولو لا لا المذكورة لاحتمل أن يكون أمرا بضرب زيد ، وأن لا يكون مع الأمر بضرب عمرو. اه كلامه ، وهو نص
__________________
(١) البيت من البحر الخفيف ، وهو بلا نسبة في الدرر ٦ / ١٣٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٦.
(٢) البيت من البحر الرجز ، وهو للجاحظ في الإيضاح (٢٤٦).
(٣) البيت من البحر البسيط ، وهو لبديع الزمان الهمذاني في شذرات الذهب ٢ / ١٥٠ ووفيات الأعيان ١ / ١٢٨ ، وقرى الضيف ٤ / ٣٣٦ ، والنجوم الزاهرة ٤ / ٢٩.