وتفيد إبطاله ، سواء كان مجرّدا ، نحو : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي) [التغابن : ٧] أم مقرونا بالاستفهام ، حقيقيّا كان ، نحو : «أليس زيد بقائم» ، فتقول : بلى ، أو توبيخيّا ، نحو : (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى) [الزخرف : ٨٠] ، (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى) [القيامة : ٣ ـ ٤] ؛ أو تقريريّا ، نحو : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ٨ قالُوا بَلى) [الملك : ٨ ـ ٩] ، (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) [الأعراف : ١٧٢] ، أجروا النفي مع التقرير مجرى النفي المجرّد في ردّه بـ «بلى» ، ولذلك قال ابن عبّاس وغيره : لو قالوا : «نعم» لكفروا ، ووجهه أن «نعم» تصديق للمخبر بنفي أو إيجاب ، ولذلك قال جماعة من الفقهاء : لو قال «أليس لي عليك ألف» ، فقال : «بلى» لزمته ، ولو قال : «نعم» لم تلزمه. وقال آخرون : تلزمه فيهما ،
______________________________________________________
وقد بعدت بالوصل بيني وبينها |
|
بلى إن من زار القبور ليبعدا (١) |
أي : ليبعدن بالنون الخفيفة ، وقد قال الرضي : واستعمال بلى في البيت لتصديق الإيجاب شاذ ، (وتفيد إبطاله سواء كان مجردا نحو (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى) [التغابن : ٧]) فيكون قوله تعالى بعد ذلك : (وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ) تصريحا بما أفادته بلى ، من إبطال النفي المتقدم (أم) كان (مقرونا بالاستفهام حقيقيا كان) ذلك الاستفهام (نحو) أن يقول قائل : (أليس زيد بقائم فتقول :) أنت في جوابه : (بلى) أي : هو قائم ، (أو توبيخا نحو) قوله تعالى : (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى) [الزخرف : ٨٠] أي : بل نسمع ذلك ، فأبطلت النفي الذي تعلق به الحسبان الموبخ عليه ، ونحو قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) [القيامة : ٣] أي : الكافر المنكر البعث (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ ٣ بَلى) [القيامة : ٣ ـ ٤] أي : بلى نجمعها ، (أو تقريريا نحو (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ٨ قالُوا بَلى) [الملك : ٨ ـ ٩]) أي : بل أتانا نذير (و) نحو (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) [الأعراف : ١٧٢] أي : بلى أنت ربنا (أجروا النفي مع التقرير مجرى النفي المجرد في رده ببلى ، ولذلك قال ابن عباس وغيره : لو قالوا نعم لكفروا ، ووجهه أن نعم تصديق للمخبر بنفي أو إيجاب) والواقع في الآية نفي ، فلو أجيب بنعم لكان معناه نعم لست بربنا ، وهو كفر والعياذ بالله ، (ولذلك قال جماعة من الفقهاء : لو قال : أليس لي عليك ألف؟ فقال : بلى لزمته) الألف ؛ لأن بلى تفيد إبطال النفي ، فكأنه قال : بلى لك علي ألف ، فهو إقرار بالألف فتلزمه ، (ولو قال : نعم لم تلزمه) ؛ إذ معناه نعم ليس لك على ألف ، وهذا ليس إقرارا بثبوت الألف عليه فلا تلزمه ، (وقال آخرون تلزمه) الألف (فيهما) أي :
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في أمالي المرتضى ٢ / ١٩٤ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢١٠.