والظاهر أنها واقعة موقع الفاء في قوله [من المتقارب] :
١٧٦ ـ كهزّ الرّدينيّ تحت العجاج |
|
جرى في الأنابيب ثمّ اضطرب |
إذا الهزّ متى جرى في أنابيب الرّمح يعقبه الاضطراب ، ولم يتراخ عنه.
* * *
مسألة ـ أجرى الكوفيّون «ثمّ» مجرى الفاء والواو ، في جواز نصب المضارع المقرون بها بعد فعل الشرط ،
______________________________________________________
أحكام آخر ، فنقول : تقدير الجواب أنه يرد على السائل مقدمته القائلة بأن الإيتاء قبل التوصية ؛ لأنها كانت قبل التوراة ومعها وبعدها ؛ لكونها مما لم يزل يوصى بها الأمم على لسان أنبيائهم ، ثم يحكم بأن ثم للتراخي الرتبي دون الزماني ؛ لأن ابتداء التوصية وإن كان قبل الإيتاء لكن تمامها سيما المتعلقة بهذه الأمة الظاهرة في الخطاب ليس مقدما على الإيتاء والحاصل أنه قدح في بعض مقدمات السائل ، ثم أجاب بما يتم على تقدير تسليم تلك المقدمة أيضا ثم في تقريره إشارة إلى أن قوله وهذا كتاب أنزلناه إليك عطف على آتينا موسى الكتاب ، داخل في حيز ثم ولم يذكر على أسلوب آتينا موسى الكتاب ، فلم يقل : وأنزلنا إليك هذا الكتاب المبارك إظهارا لشرفه ومزية رتبته ، ولهذا جعل الفاصل ثم لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون ، وها هنا لعلكم ترحمون هذا كلامه ، (فالظاهر أنها واقعة موقع الفاء في قوله :
كهز الرديني تحت العجاج |
|
جرى في الأنابيب ثم اضطرب) (١) |
الرديني صفة للرمح يقال : رمح رديني وقناة ردينية قال في «الصحاح» : زعموا أنه منسوب إلى امرأة تسمى ردينة ، وكانت تقوم القنا بخط هجر ، والعجاج الغبار والأنابيب جمع أنبوبة ، وهي ما بين كل عقدتين من القصب ، (إذ الهز متى جرى في أنابيب الرمح يعقبه الاضطراب ولم يتراخ عنه) وهذا ظاهر كما قال ، وانظر هل يمكن أن يعود ضمير اضطرب إلى العجاج.
(مسألة : أجرى الكوفيون ثم مجرى الفاء والواو في جواز نصب المضارع المقرون بها بعد فعل الشرط) بأن مضمرة ، وهذه المسألة لم يذكرها في «التسهيل» ، وإنما ذكر أن «أن» الناصبة قد تضمر بعد الواو والفاء الواقعتين بعد مجزومي أداة شرط أو بعدهما ، فمثال القسم الأول إن تأتي وتحسن إلى أكافئك بنصب تحسن ، وإن تأت فتحدثني أحسن إليك بنصب تحدث ، والتقدير فيهما إن يكن منك إتيان وإحسان أو إتيان فحديث ، ومثال القسم الثاني بعد الواو قوله :
__________________
(١) البيت من البحر المتقارب ، وهو لأبي داود الإيادي في ديوانه ص ٢٩٢ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ٣٦٣ ، والجنى الداني ص ٤٢٧.