والجزم بالعطف على موضع فعل النّهي ، والنصب قال : بإعطاء «ثم» حكم واو الجمع ؛ فتوهّم تلميذه الإمام أبو زكريا النّووي ، رحمهالله ، أن المراد إعطاؤها حكمها في إفادة معنى الجمع ، فقال : لا يجوز النصب ، لأنه يقتضي أن المنهيّ عنه الجمع بينهما ، دون إفراد أحدهما ؛ وهذا لم يقله أحد ، بل البول منهيّ عنه ، سواء أراد الاغتسال فيه أو منه أم لا ، انتهى.
وإنّما أراد ابن مالك إعطاءها حكمها في النصب ، لا في المعيّة أيضا ، ثمّ ما أورده إنما جاء من قبل المفهوم ، لا المنطوق ، وقد قام دليل آخر على عدم إرادته ؛
______________________________________________________
(والجزم بالعطف على موضع فعل النهي) ؛ لأنه مبني بسبب اتصاله بنون التوكيد ، فليس بمعرب لفظا ولا تقديرا ، وإنما هو في محل جزم فلهذا عبر المصنف بالموضع ، وهو مبني على المذهب المشهور ، وأما على قول من يرى أن اتصال المضارع بنون التوكيد غير مقتض للبناء فهو معرب تقديرا ، والعطف حينئذ ليس على الموضع وإنما هو على الفعل المعرب باعتبار إعرابه المقدر.
(والنصب ، قال) ابن مالك (بإعطاء ثم حكم واو الجمع ، فتوهم تلميذه الإمام) محيي الدين (أبو زكريا) يحيى (النووي) نسبة إلى نوى وهي بلدة بالشام (رحمهالله تعالى أن المراد إعطاؤها حكمها في إفادة معنى الجمع ، فقال) في شرح مسلم : (لا يجوز النصب ؛ لأنه يقتضي أن المنهي عنه الجمع بينهما) أي : بين البول في الماء الدائم والاغتسال منه (دون إفراد أحدهما ، وهذا لم يقله أحد بل البول) في ذلك الماء (منهي عنه سواء أراد الاغتسال فيه ، أو منه أم لا. اه) كلام النووي ، (وإنما أراد ابن مالك إعطاءها حكمها في النصب لا في المعية أيضا) ، وأنا أقول : ليست المعية حكما من أحكام الواو التي ينتصب بعدها المضارع ، وإنما المعية معناها ومدلولها الذي وضعت هي بإزائه ، وحكمها انتصاب المضارع بعدها بإضمار أن ، وكلام المصنف مشعر بأن المعية من أحكام الواو حيث قال : إعطاؤها حكمها في النصب لا في المعية أيضا ، وإنما كان ينبغي أن يقول : إنما المراد إعطاؤها حكمها في النصب ، ولم يرد المعية أصلا ، (ثم ما أورده) النووي من أنه يلزم أن لا يكون إفراد أحدهما منهيا عنه (إنما جاء من قبل المفهوم) ، وهو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق ، بأن يكون حكما لغير المذكور وحالا من أحواله (إنما جاء من قبل المفهوم) وهو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق ، بأن يكون حكما لغير المذكور وحالا من أحواله (لا المنطوق) وهو ما دل عليه اللفظ في محل النطق ، (وقد قام دليل آخر على عدم إرادته) أي : إرادة المفهوم الذي مقتضاه عدم النهي عن البول وحده في ذلك الماء الطاهر ، وذلك الدليل هو الإجماع القائم على النهي عن الفسد والنصوص الواردة فيه ، فإذا كان ذلك الماء الطاهر يتنجس بذلك البول كان منهيا عنه قطعا ؛ لأنه مؤد إلى فساده والله لا يحب الفساد.