ونظيره إجازة الزجّاج والزمخشريّ في : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَ) [البقرة : ٤٢] كون (تَكْتُمُوا) مجزوما ، وكونه منصوبا مع أن النصب معناه النهي عن الجميع.
تنبيه ـ قال الطبري في قوله تعالى : (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) [يونس : ٥١] : معناه أهنالك ، وليست «ثمّ» التي تأتي للعطف ، انتهى. وهذا وهم اشتبه عليه ثمّ المضمومة الثاء بالمفتوحتها.
* (ثمّ) بالفتح ـ اسم يشار به إلى المكان البعيد ، نحو : (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ) (٦٤) [الشعراء : ٦٤] ،
______________________________________________________
(ونظيره إجازة الزجاج والزمخشري في) قوله تعالى : ((وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَ) [البقرة : ٤٢] كون تكتموا مجزوما) داخلا تحت حكم النهي بمعنى ولا تكتموا ، (وكونه منصوبا) بإضمار أن (مع أن النصب معناه النهي عن الجمع) ، وقد صرح الزمخشري بذلك فقال : والواو بمعنى الجمع أي : ولا تجمعوا لبس الحق بالباطل وكتمان الحق ، كقولك : لا تأكل السمك وتشرب اللبن ، قال : والمراد بلبس الحق بالباطل كتبهم في التوراة ما ليس منها ، وبكتمانهم الحق أن يقولوا لا نجد في التوراة صفة محمد أو حكم كذا ، أو تمحوا كذا وتكتبوه على خلاف ما هو عليه ، فهذا الذي أجازه الزجاج والزمخشري في الآية نظير ما أجازه ابن مالك في الحديث ، مع أنه يرد في الآية مثل ما أورده النووي في الحديث ، وذلك بأن يقال : النهي عن الجمع بين اللبس والكتمان يلزم عليه جواز فعل اللبس بدون الكتمان والعكس ، كما في مسألة السمك واللبن ، وجوابه أن النهي عن الجمع إن دل بالمفهوم على جواز فعل البعض فإنما هو حيث لم يقم دليل على المنع ، والدليل هنا قائم فإنه قد علم أن كلا من هذين الأمرين قبيح ، غير أنه جمع بينهما لإفادة المبالغة في النعي عليهم وإظهار قبيح أفعالهم ، من كونهم جامعين بين الفعلين اللذين إذا انفرد كل منهما كان مستقلا بالقبح والشناعة.
(تنبيه قال الطبري في قوله تعالى : (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) [يونس : ٥١] معناه أهنا لك وليست ثم التي تأتي للعطف. اه) كلامه ، وهو صريح لا يقبل تأويلا ، ولا شك في أنه سهو (وهذا وهم) ظاهر (اشتبه عليه ثم المضمومة بالثاء بالمفتوحة) والإنسان محل النسيان.
(ثم)
(بالفتح اسم يشار به إلى المكان البعيد نحو : (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ) (٦٤) [الشعراء : ٦٤]) وكثيرا ما يستعمله المصنفون وقد يتراءاى أنهم استعملوه للقريب ، فإنهم يذكرون قاعدة ويقولون على أثرها ومن ثم كان كذا ، وكأنهم نزلوا المتقدم منزلة البعيد ؛ لانقضائه والفراغ منه أوعدوه بعيد