.......
______________________________________________________
مع أنها في التقليل مثل كم في التكثير ، ولا خلاف في اسميتها بل هي مفيدة للتكثير في الأغلب كإفادة كم أنهم لم يروها تنجر بحرف ولا بإضافة كما تنجر كم ، فلا يقال : برب رجل ولا غلام رجل.
واستشكل حرفيتها بأمور :
منها نحو : رب رجل أكرمته ؛ فإن حرف الجر هو ما يوصل الفعل إلى المفعول الذي هو لو لا هو لم يصل إليه ، وأكرمت يتعدى بنفسه ، واعتذر عنه صاحب «المغني» بأن الفعل لما تأخر ولا سيما كون التأخر هنا واجبا ضعف فقوي بالجار ، نحو : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) [يوسف :٤٣] ويرده أن العادة أن يعمد مثل ذلك الضعيف باللام فقط ، دون غيرها من حروف الجر.
ومنها مثل : رب رجل كريم أكرمته ؛ لأن الفعل لا يتعدى إلى المفعول بحرف الجر وإلى ضميره معا ، فلا يقال لزيد ضربته واعتذر بأن أكرمته صفة والعامل محذوف ، قال الرضي : وهو عذر بارد ؛ لأن معنى رب رجل كريم أكرمت وأكرمته واحد ، والأول جواب ولا خلاف أنك إذا قلت في جواب من قال : أكرمت رجلا : رب رجل كريم أكرمته ، لم يحتج معنى الكلام إلى شيء آخر يقدر مثل بنبئت وتحققت ، قال : وإن اعتذروا بأن الضمير في أكرمته للمصدر أي : أكرمت الإكرام كان أبرد ؛ لأن ضمير المصدر المنصوب بالفعل قليل الاستعمال ، بخلاف رب رجل كريم لقيته ، وإن قالوا : إن أكرمته مفسر لأكرمت المقدر كما في زيدا ضربته جاء الإشكال الأول ، مع أنه لم يثبت في كلامهم تعيين الناصب للجار والمجرور بفعل آخر ، نحو بزيد جاوزته.
ومنها نحو : رب رجل كريم جاءني في جواب من قال : ما جاءك رجل ، ولا شك أن جاءني هو جواب رب ؛ إذ لا يتوقف معنى الكلام على شيء آخر فيكون كقولك بزيد مر ، والضمير في مر لزيد وكقولك : زيدا ضرب ، والضمير للمنصوب وذلك ممتنع قال : ويقوي عند مذهب الأخفش بالكوفيين أعني : كونها اسما ، فرب مضافة إلى النكرة فمعنى رب رجل في أصل الوضع قليل من هذا الجنس ، كما أن معنى كم رجل كثير من هذا الجنس ، وإعرابه رفع أبدا على أنه مبتدأ لا خبر له كما اخترنا في باب الاستثناء في قولك : أقل رجل يقول ذلك إلا زيد ، فإنهما يتناسبان بما في رب من معنى القلة ، ولم يصرح بسبب بناء رب عنده ، فإن قال : لتضمنها معنى حرف النفي من حيث إن القلة تجري مجرى النفي ، فيلزمه بناء أقل المراد به النفي في قولهم : أقل رجل يقول ذاك إلا زيد ، فإن قال : لتضمنها معنى الإنشاء الذي حقه أن يؤدي بالحرف ، كما ذكره ابن الحاجب في كم الخبرية فهو لا يرضيه كما سيأتي ، ويمكن أن يقال : سبب البناء