وقال الشاعر [من الطويل] :
٢٠٦ ـ فيا ربّ يوم قد لهوت وليلة |
|
بآنسة كأنّها خطّ تمثال |
وقال آخر [من المديد] :
٢٠٧ ـ ربّما أوفيت في علم |
|
ترفعن ثوبي شمالات |
ووجه الدليل أن الآية والحديث والمثال مسوقة للتخويف ، والبيتين مسوقان للافتخار ، ولا يناسب واحدا
______________________________________________________
أن الصائم في عبارته مراد به الزمن الماضي وهو مجرد من أل ، ولا يجوز أن تكون الهاء في محل جر بإضافة اسم الفاعل ؛ لأنه قد تقرر بما أسلفناه أنه بمعنى الماضي ، فلو كان مضافا لكانت إضافته محضة ؛ إذ هو حينئذ صفة مضافة إلى غير معمولها فتفيد التعريف ، فيمتنع أن يكون مدخولا لرب واللازم باطل ، (وقال الشاعر :
فيا رب يوم قد لهوت وليلة |
|
بآنسة كأنها خط تمثال) (١) |
اللهو اللعب وقد يكنى به عن الجماع ، والآنسة التي تأنس ولا تنفر ، والتمثال الصورة بكسر المثناة الفوقية أوّلا والتي بعد الميم مثلثة ، ولا يتعلق قوله بآنسة بلهوت الملفوظ به ؛ للزوم الفصل بالأجنبي وهو المعطوف ، وإنما يتعلق بمحذوف أي : لهوت فيها بآنسة وهذه الجملة صفة لليلة ، وحذف الرابط للصفة الأولى ومتعلق اللهو أي : رب يوم لهوت فيه بآنسة وليلة لهوت فيها بآنسة (وقال آخر :
ربما أوفيت في علم |
|
ترفعن ثوبي شمالات) (٢) |
أوفيت أشرفت والعلم الجبل ، والشمالات جمع شمال وهي الريح المعروفة ، (وتوجيه ذلك) أي : توجيه الاستدلال بهذه الأمور المذكورة على التكثير ، وفي بعض النسخ ووجهه أي : الدليل (أن الآية والحديث والمثال) المحكي عن الأعرابي (مسوقة للتخويف) والتحذير ، والأحسن مسوقات إذ الأجذاع منكسرات أحسن من منكسرة ، ومن ثم ورد (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة : ٣٦] بعد ذكر الأربعة الحرم ، (والبيتين مسوقان للافتخار ، ولا يناسب واحدا
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لامرىء القيس في ديوانه ص ٢٩ ، وخزانة الأدب ١ / ٦٤ ، والدرر ٤ / ١١٨ ، وبلا نسبة في شرح التصريح ٢ / ١٨.
(٢) البيت من البحر المديد ، وهو لجذيمة الأبرش في الأزهية ص ٩٤ ، والأغاني ١٥ / ٢٥٧ ، وخزانة الأدب ١١ / ٤٥٤ ، ولسان العرب ٣ / ٣٢ (شيخ).