وجوّز الوجهين في موضع ، فقال في قوله تعالى : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) [آل عمران : ٨٣] : دخلت همزة الإنكار على الفاء العاطفة جملة على جملة ، ثم توسّطت الهمزة بينهما ، ويجوز أن يعطف على محذوف تقديره : أيتولّون فغير دين الله يبغون.
فصل
قد تخرج عن الاستفهام الحقيقيّ ، فترد لثمانية معان
أحدها : التّسوية ، وربّما توهّم أن المراد بها الهمزة الواقعة بعد كلمة «سواء»
______________________________________________________
(وجوّز الوجهين في موضع فقال : في : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) [آل عمران : ٨٣] دخلت همزة الإنكار على الفاء العاطفة جملة على جملة ، ثم توسطت الهمزة بينهما ويجوز أن يعطف على محذوف أي : أيتولون فغير دين الله يبغون) وما حكاه عنه في الوجه الأوّل مشكل ، وإنما جاء الإشكال من جهة نقل الكلام على غير ما هو عليه ، وتقرير الإشكال : أن دخول الهمزة على الفاء هو نفس توسطها بين الجملتين ، فكيف يعطف توسطها على دخولها بحرف العطف المقتضي للترتيب وللتراخي ، ونص ما في «الكشاف» : دخلت همزة الإنكار على الفاء العاطفة جملة على جملة ، والمعنى : فأولئك هم الفاسقون فغير دين الله يبغون ، ثم توسطت الهمزة بينهما ، هذا كلامه ولا إشكال فيه ، قلت : في دعوى المصنف أن الزمخشري في بعض المواضع جزم بما تقوله الجماعة من جواز الوجهين نظر ؛ وذلك لأن ظاهر كلامه في مواضع من «الكشاف» أن الهمزة داخلة على العاطف المذكور من غير أن يكون هناك تقديم وتأخير ، وهذا مكشوف من قوله في (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) [آل عمران : ١٤٤] الفاء معلقة للجملة الشرطية بالجملة قبلها على معنى السببية ، والهمزة لإنكار أن يجعلوا خلوّ الرسل قبله سببا لانقلابهم على أعقابهم بعد هلاكه بموت أو قتل مع علمهم أن خلو الرسل قبله ، وبقاء دينهم متمسكا به يجب أن يجعل سببا للتمسك بدين محمد عليه الصلاة والسّلام ، وقد صرح الطيبي بأن الهمزة في مثل ذلك مقحمة مزيدة للإنكار أو غيره مما يصح اعتباره بحسب المقامات ، وبهذا يتأتى الجواب عن الإشكال الذي أسلفناه قريبا فيقال : إذا كانت الهمزة مقحمة مزيدة فلا نسلم أنها مانعة من عمل ما قبلها فيما بعدها فتأمله.
(فصل : قد تخرج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي فترد لثمانية معان) أي : لأحد ثمانية معان ، واستعمالها حينئذ في واحد من تلك المعاني الثمانية استعمال في غير ما وضعت له ، فيكون ذلك من قبيل المجاز قال بعض المتأخرين : وتحقيق هذا المجاز وبيان أنه من أي نوع من أنواعه مما لم يحم أحد حوله ، وقد حاول بعض تحقيق ذلك في بعض المواضع بما لا يخلو من كلفة كما ستراه.
(أحدها التسوية وربما توهم) بالبناء للمفعول (أن المراد بها الهمزة الواقعة بعد كلمة سواء