ويضيفهم ، فبينما هو يطعم الناس إذا هو بشيخ كبير يمشي في الحرة (١) فبعث إليه بحماره وأركبه حتى أتاه وأطعمه ، فجعل الشيخ يأخذ اللقمة ليدخلها فاه ، فيدخلها في عينه وأذنه ، ثم يدخلها فاه فإذا دخلت جوفه خرجت من دبره ، وكان إبراهيم قد سأل ربه أن لا يقبض روحه حتى يكون هو الذي يسأل (٢) الموت ، فقال الشيخ حين رأى حاله : يا شيخ ما لك تصنع هكذا؟ قال : يا إبراهيم من الكبر ، فقال : ابن كم أنت؟ قال : فزاد على عمر إبراهيم سنتين ، فقال إبراهيم : أنا بيني وبينك سنتان ، فإذا بلغت ذلك صرت مثلك ، قال : نعم ، فقال إبراهيم : اللهم اقبضني إليك قبل ذلك فقام الشيخ فقبض (٣) نفسه وكان ملك الموت ، صلوات الله وسلامه عليهما ، وحكي غير ذلك.
فيكون بين وفاة الخليل ، عليهالسلام ، والهجرة الشريفة (٤) على القول الأول في عمره الذي ذكره صاحب حماة ألفان وسبعمائة وثمانية عشر سنة ، ومضى من الهجرة الشريفة إلى عصرنا تسعنمائة سنة ، فيكون الماضي من وفاته (٥) إلى سنة تسعمائة من الهجرة الشريفة ثلاثة آلاف سنة وستمائة وثماني عشرة سنة ، وقيل غير ذلك.
وروي عن ابن عباس ، رضياللهعنهما ، أنه قال : قال رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم (٦) : «أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم ، صلىاللهعليهوسلم ، بخلته ، ثم أنا بصفوتي ، ثم علي بن أبي طالب يزف بيني وبين إبراهيم زفا إلى الجنة» ، وفي الصحيحين عن ابن عباس ، رضياللهعنهما ، أنه صلىاللهعليهوسلم ، قال : «أول الخلائق (٧) يكسى يوم القيامة إبراهيم (٨) ، عليهالسلام» ، وروي أنه قال : «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا ، فيقول الله تعالى : لا أرى (٩) خليلي عريانا فيكسى ثوب أبيض ، فهو أول من يكسى ، صلىاللهعليهوسلم» (١٠).
__________________
(١) الحرة : أرض ذات حجارة سوداء كأنها أحرقت ، ينظر : ابن منظور ، لسان ٤ / ١٧٩ ؛ المعجم الوسيط ١ / ١٧٢.
(٢) يسأل أ ج د ه : يسأله ب / / فقال الشيخ حين رأى حاله أ ج ه : فلما رأى حال الشيخ قال له ب.
(٣) فقبض أ ج د : وقبض ب : قبض ه / / نفسه أ د : روح إبراهيم ب : روحه ج ه.
(٤) الشريفة أ ج د ه : النبوية ب.
(٥) وفاته أ ج د ه : وفاة إبراهيم ب.
(٦) إبراهيم صلىاللهعليهوسلم أ ج د ه : إبراهيم الخليل عليهالسلام ب.
(٧) أول الخلائق يكسى أ : أول من يكسى ب ج د ه.
(٨) إبراهيم أ ج د ه : + الخليل ب.
(٩) لا أرى أ ج د ه : ما لي أرى ب.
(١٠) ينظر : النسائي ، باب البعث ٤ / ١١٤.