ما سنذكره ، إن شاء الله تعالى.
قصة أرميا عليهالسلام
(١) قد تقدم عند ذكر صدقيا ، الذي هو آخر ملوك بني إسرائيل ، أن أرميا النبي ، عليهالسلام ، كان فيه أيامه وكان يأمر بني إسرائيل بالتوبة ويهددهم ببخت نصر وهم لا يلتفتون إليه. فلما رأى أنهم لا يرجعون عما هم فيه فارقهم أيضا واختفى حتى غزاهم بخت نصر وخرب (٢) القدس ، كما تقدم ذكره ، ثم إن الله تعالى أوحى إلى أرميا النبي (٣) : أني عامر بيت المقدس فاخرج إليها. فخرج أرميا وقدم إلى القدس وهي خراب فقال : سبحان الله ، أمرني الله أن أنزل هذه البلدة ، وأخبرني أنه عامرها فمتى يعمرها ومتى يحييها الله بعد موتها. ثم وضع رأسه فنام (٤) ، ومعه حماره وسلة فيها طعام وهو تين وركوة فيها عصير عنب.
وكان من قصته ما أخبر الله تعالى به في محكم كتابه العزيز في قوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ) ـ أي لم يتغير ـ (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩))(٥).
وقد قيل : إن صاحب القصة هو العزير (٦) والأصح أنه أرميا. وقد أهلك الله بخت نصر ببعوضة دخلت دماغه ، ونجى الله تعالى من بقي من بني إسرائيل ، ولم [٣٧ / أ] يمت أحد منهم (٧) ببابل ، وردهم الله جميعا (٨) / / إلى بيت المقدس ونواحيه.
قال البغوي في تفسيره : وعمر الله أرميا فهو الذي يرى في الفلوات فذلك قوله
__________________
(١) ينظر : ابن قتيبة ، المعارف ٢٨ ؛ الطبري ، تاريخ ١ / ٥٤٨ ؛ الثعلبي ١٩١ ؛ ابن الأثير ، الكامل ١ / ١٤٨ ؛ ابن كثير ، البداية ٢ / ٣٤ ؛ ابن كثير ، قصص ٤٤٨ ؛ القرماني ١ / ١٩١.
(٢) وخرب أ ب د : وأخر ب ج ه.
(٣) النبي أ : ـ ب ج د ه / / أني عامر بيت المقدس ج د ه : عمر بيت المقدس أ : أني عامر بلدة بيت المقدس ب.
(٤) فنام أ د : ونام ب ج ه.
(٥) البقرة : [٢٥٩].
(٦) ينظر : الثعلبي ١٩١ ؛ القرماني ١ / ١٩٨.
(٧) أحد منهم أ : ـ ب ج د ه.
(٨) ينظر : الطبري ، تاريخ ١ / ٥٥٦ ؛ ابن الأثير ، الكامل ١ / ١٥١.