وأرسل الله تعالى جبريل ، عليهالسلام ، فبشر زكريا بيحيى مصدقا بكلمة من الله يعني عيسى بن مريم ، ثم أرسل الله تعالى ، جبريل ، عليهالسلام ، ونفخ (١) في جيب مريم ، فحملت بعيسى ، عليهالسلام ، وكانت قد حملت خالتها إيساع ، بيحيى [٣٨ / أ] وولد يحيى ، قبل عيسى بستة أشهر ، ثم ولدت مريم عيسى.
فلما علمت اليهود أن مريم ولدت من غير بعل اتهموا زكريا بها وطلبوه فهرب واختفى في شجرة عظيمة ، فقطعوا الشجرة وقطعوا زكريا معها (٢). وكان عمر زكريا حينئذ نحو مائة سنة ، وكان قتله بعد ولادة المسيح ، وكانت ولادة المسيح (٣) لمضى ثلاثمائة وثلاث سنين للإسكندر ، ويأتي تحرير تاريخ مولده قريبا ، فيكون مقتل زكريا بعد ذلك بقليل (٤).
وأما يحيى ابنه فإنه نبي وهو صغير ، ودعا الناس إلى عبادة الله ، ولبس الشعر ، واجتهد في العبادة حتى نحل جسمه.
وكان عيسى بن مريم قد حرم نكاح بنت الأخ. وكان لهرودوس (٥) ـ وهو الحاكم على بني إسرائيل ـ بنت أخ وأراد أن يتزوجها كما هو جائز في ملة اليهود ، فنهاه يحيى عن ذلك ، فطلبت أم البنت من هرودوس (٦) أن يقتل يحيى ، فلم يجبها إلى ذلك ، فعاودته. وسألته البنت أيضا وألحت عليه فأجابها إلى ذلك ، وأمر بيحيى فذبح (٧) ووضع رأسه بين يدي هرودوس ، وكان الرأس (٨) يتكلم ويقول : لا تحل لك ، واستمر غليان دمه ، فأمر بتراب فألقي عليه فما ازداد إلا انبعاثا ، فبعث الله عليهم ملكا من جهة المشرق يقال له خرودوش (٩) ، فقتل منهم على دم يحيى سبعين ألفا إلى أن سكن دمه.
وزعم قومه : أن بخت نصر هو الذي غزاهم وقتلهم على دم يحيى. وليس بصحيح : لأن بخت نصر خرب بيت المقدس قبل (١٠) ولادة يحيى بنحو خمسمائة
__________________
(١) ونفخ أ ج : فنفخ ب ه : ـ د.
(٢) ينظر : ابن قتيبة ، المعارف ٣١ ؛ الثعلبي ٢١٣ ؛ ابن كثير ، البداية ٢ / ٥٤ ؛ القرماني ١ / ٢٠٥.
(٣) وكانت ولادة المسيح ب ج ه : ـ أ د.
(٤) بقليل أ ج ه : بيسير ب : ـ د.
(٥) لهرودوس أ : لهردوس ب ج ه : ـ د.
(٦) هرودوس أ : هردوس ب ج ه : ـ د.
(٧) ينظر : الطبري ، تاريخ ١ / ٥٨٧ ؛ الثعلبي ٢١٢ ؛ ابن كثير ، البداية ٢ / ٥٤ ؛ القرماني ١ / ٢٠٩.
(٨) وكان الرأس أ ج : فكان ب ه : ـ د / / لا تحل ب ج د ه : لا يحل أ.
(٩) خرودوش أ ج : خرودوش ب د ه.
(١٠) قبل أ ج د ه : من قبل ب.