سنة ، وكان قتل يحيى قبل رفع المسيح (١) بمدة يسيرة ، لأن عيسى ، عليهالسلام ، إنما ابتدأ بالدعوة لما صار له ثلاثون سنة ، ولما أمره الله تعالى أن يدعو الناس إلى دين النصارى غمسه يحيى في نهر الأردن ، ولعيسى نحو ثلاثين سنة ، وخرج من نهر الأردن (٢) وابتدأ بالدعوة ، وجميع ما لبث المسيح (٣) بعد ذلك ثلاث سنين ، فذبح يحيى كان قبل رفع عيسى بسنة ونصف (٤). قال قتادة : وكان رفع عيسى بعد نبوته بثلاث سنين.
والنصارى تسمي سيدنا يحيى يوحنا المعمدان ، لكونه عمد المسيح ، كما ذكر ، وكان يحيى ، عليهالسلام ، لا يأتي النساء لأنه لم يكن له ما للرجال (٥) ، فلذلك سماه الله تعالى : (وَسَيِّداً وَحَصُوراً)(٦) كذا قيل ، وهو غير مرضي. وقد تكلم القاضي عياض (٧) في الشفاء (٨) على معنى كون يحيى حصورا بما حاصله : إن هذا الذي قيل نقيصة وعيب لا يليق بالأنبياء وإنما معناه أنه معصوم عن الذنوب لا يأتيها (٩) ، فكأنه حصر عنها ، أو أنه حصر نفسه عن الشهوات فمنعها (١٠) ، ويأتي ذكر الخلاف في محل قبره وقبر والده زكريا عند ذكر قبر مريم ، عليهمالسلام (١١) ، إن شاء الله تعالى.
وأما مريم فاسم أمها حنة زوجة عمران (١٢) ، وكان حنة لا تلد ، واشتهت الولد فدعت بذلك ونذرت إن رزقها الله ولدا جعلته من خدمة بيت المقدس. فحملت حنة
__________________
(١) المسيح أ ج ه : عيسى ب د.
(٢) نهر الأردن : نهر يصب في بحيرة برية ثم يمر جنوبا مارا ببيسان وأريحا والعوجا ثم يصب في البحيرة المنتنة (البحر الميت) ، ينظر : السمعاني ١ / ١٠٩ ؛ ياقوت ، معجم البلدان ١ / ١٧٧ ؛ الحميري ٢١ ؛ القرماني ٣ / ٣١٢ ؛ الدباغ ٦ / ٣٩.
(٣) المسيح أ ج ه : عيسى ب د.
(٤) بسنة ونصف أ ج ه : بنحو سنة ونصف ب د / / رفع عيسى أ ج ه : رفعه ب د.
(٥) ما للرجال ب ج د ه : ما للرجل أ.
(٦) آل عمران : [٣٩].
(٧) عياض : عياض بن موسى بن عياض بن عمر بن اليحصبي السبتي ، أبو الفضل عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته ، توفي عام ٥٤٤ ه / ١١٤٩ م. ينظر : ابن خلكان ٣ / ٤٨٣ ؛ الذهبي ، تذكرة ٣ / ١٣٠٤ ؛ اليافعي ٣ / ٢٨٢ ؛ ابن الملقن ٥٧٥ ؛ الجابي ٥٦٩.
(٨) هو كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، ينظر : كحالة ٨ / ١٦.
(٩) لا يأتيها ... وأما مريم أ ب ج ه : ـ د / / فكأنه أ ج ه : كأنه ب : ـ د.
(١٠) ينظر : عياض ٢٥١.
(١١) عليهمالسلام إن شاء الله تعالى أ ج ه : ـ ب د.
(١٢) زوجة عمران ب ج د ه : زوج عمران أ.