ثم إن رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، صدع بأمر الله تعالى (١) ، وأمر قومه بالإسلام ، فكان المشركون يحصل منهم الضرر للمستضعفين من المسلمين / / فمن لا عشيرة له تمنعه يعذبونه بإلقائه في الرمضاء على ظهره وقت الظهيرة ، وبإلقاء الصخرة العظيمة على صدره ويقال له : لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى ، وكانوا يفعلون بهم غير ذلك من أنواع التعذيب ، ومن المسلمين من مات من فعل المشركين ، وكان بعض المشركين يؤذي رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، ويستهزىء به. ثم أسلم حمزة على النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، فعرفت قريش أن رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، قد عز وامتنع فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه. ثم أسلم عمر بن الخطاب ، رضياللهعنه ، فأعز الله بإسلامه وقال : يا رسول الله ألسنا على الحق؟ قال : «أي والذي بعثني بالحق نبيا» (٢) ، قال : أما والذي بعثك بالحق نبيا لا يعبد الله بعد اليوم سرا (٣) فأظهر الله الدين بإيمانه (٤).
الهجرة الأولى (٥)
لما رأى رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، ما يصيب أصحابه من البلاء أمرهم بالخروج (٦) إلى أرض الحبشة ، فخرج جماعة منهم : عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، وقدموا على النجاشي (٧) وكان ملكا عادلا اسمه أصحمة ومعناه بالعربي (٨) : عطية ، فأكرمهم وأقاموا عنده بخير ، ثم أسلم النجاشي بعد ذلك.
وكان السبب (٩) في ولايته عليهم بعد قتل أمير الحبشة : أن أباه كان أميرا عليهم فكرهوه ، وكان له أخ فقصدوا ولايته عليه بعد قتل أخيه فقتلوه ، وقصدوا قتل النجاشي فقال لهم عمه : أنتم قتلتم أباه وتقتلوه ، أخرجوه من بلادكم. فأخذوه إلى البحر فرأوا سفينة فباعوه ورجعوا إلى بلادهم فوجدوا عمه مات ، فقالوا : ذلك من خطيئة النجاشي فأدركوه وأتوا به ليكون أميرا مكان أبيه فجاءوا به أميرا مكان أبيه ،
__________________
(١) بأمر الله ب ج د ه : بما أمر الله أ / / وأمر قومه ب ج د ه : فأمر قومه أ.
(٢) نبيا أ ج د ه : ـ ب.
(٣) سرا أ ج د : إلا جهرا ب ه.
(٤) ينظر : ابن هشام ، السيرة ١ / ٢٧٩.
(٥) ينظر : ابن هشام ١ / ٢٨٠ ؛ ابن حبان ، السيرة ٨١ ؛ ابن سيد الناس ١ / ١٤٣ ؛ ابن القيم ، زاد ١ / ٢٤.
(٦) بالخروج أ ج د ه : إلا جهرا ب ه.
(٧) ينظر : ابن هشام ١ / ٢٨٠ ؛ السيرة ٨١ ؛ ابن سيد الناس ١ / ١٤٧.
(٨) بالعربي أ ج د ه : بالعربية ب.
(٩) وكان السبب ... إلى أوطانهم ب د : ـ أ ج ه.