وكان من حديث المعراج الشريف ما روي عن النبي ، عليهالسلام (١) ، أنه قال : «أتيت بالبراق ، وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه ، قال : فركبته متى أتيت بيت المقدس (٢) فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء ، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين» (٣). وفي رواية : فلما دخلت المسجد إذا أنا بالأنبياء والمرسلين قد حشروا إليّ من قبورهم ، ومثلوا لي وقد قعدوا صفوفا صفوفا ينتظرونني فسلموا عليّ ، فقلت : يا جبريل من هؤلاء القوم؟ قال : إخوانك الأنبياء والمرسلين (٤) ، زعمت قريش أن لله شريكا ، وزعمت النصارى أن لله ولدا ، إسأل هؤلاء النبيين هل كان لله ، عز وجل (٥) ، شريك؟ ثم قرأ : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) (٤٥) (٦).
قال أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب (٧) المفسر في كتاب التنزيل له : إن هذه الآية أنزلت (٨) على النبيّ ، صلىاللهعليهوسلم ، ببيت المقدس ليلة الإسراء (٩) ، وقد عدها غيره من العلماء في الشامي والذي قاله أبو القاسم أخص مما ذكروه ، فلما أنزلت وسمعها الأنبياء ، عليهمالسلام ، أقروا لله عز وجل بالوحدانية. قال عليه الصلاة والسلام : «ثم جمعهم جبريل وقدمني فصليت بهم ركعتين ، قال صلىاللهعليهوسلم : ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن ، فقال جبريل : اخترت الفطرة ، ثم عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل فقيل : من أنت؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك؟ قال : محمد ، صلىاللهعليهوسلم ، قيل : وقد بعث إليه؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا ، فإذا بآدم ، عليهالسلام (١٠) ، فرحب بي ودعا لي بخير.
ثم عرج بنا إلى السماء الثانية ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من أنت؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك؟ قال : محمد ، صلىاللهعليهوسلم ، قيل : وقد بعث إليه؟ قال : قد بعث
__________________
(١) النبي عليهالسلام أ ه : النبي صلىاللهعليهوسلم ب ج د.
(٢) بيت المقدس ب ج د ه : البيت المقدس أ.
(٣) ينظر : عياض ١ / ١٧٧.
(٤) والمرسلين أ ج د ه : والمرسلون ب.
(٥) عز وجل أ ج د : ـ ب ه.
(٦) الزخرف : [٤٥].
(٧) ابن حبيب : أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري المفسر ، صنف في علوم القرآن والآداب ، وتوفي عام ٤٠٦ ه / ١٠١٥ م ؛ ينظر : ابن العماد ٣ / ١٨١.
(٨) أنزلت أ ج د : نزلت ب ه.
(٩) ليلة الإسراء ب د ه : ليلة أسري به أ ج.
(١٠) فإذا بآدم أ ب د : فإذا أنا بآدم ج : وإذا أنا بآدم ه.