والسلام (١) ، بمكة ينتظر ما يؤمر به ، وتخلف معه أبو بكر وعلي ، رضياللهعنهما ، واجتمعت (٢) قريش على مكيدة يفعلونها مع رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، فنجاه الله من مكرهم ، وأنزل عليه في ذلك : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٣) الآية ، وأمر بالهجرة.
فأمر عليا أن يتخلف عنه ويؤدي ما عنده من الودائع لأربابها (٤) ، وخرج (٥) هو وأبو بكر إلى غار ثور ، وهو جبل أسفل مكة ، فأقاما فيه ثم خرجا بعد ثلاثة أيام وتوجها إلى المدينة وقدماها لاثني عشر ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى ، وكان الاثنين (٦) الظهر. فنزل بقباء (٧) وأقام بها الاثنين ، والثلاثاء والأربعاء ، وأسس مسجد قباء ، وهو الذي نزل فيه : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ)(٨)(٩) ، ثم خرج من قباء يوم الجمعة ، وأدركته الجمعة في بنى عمرو بن عوف فصلاها في المسجد الذي ببطن الوادي. وكانت (١٠) أول جمعة (١١) صلاها بالمدينة. فولد صلىاللهعليهوسلم ، يوم الاثنين ، وهاجر يوم الاثنين ، وقبض صلىاللهعليهوسلم ، يوم الاثنين.
واختلف العلماء في مقامه بمكة بعد أن أوحى إليه فقيل : عشر سنين ، وقيل : ثلاث عشرة سنة ، وهو الصحيح. ولعل الذي قال عشر سنين أراد بعد إظهار الدعوة فإنه بقي ثلاث سنين يسرها ، والله أعلم.
ذكر بناء المسجد الشريف النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام (١٢)
ثم إن رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، رحل من قباء يريد المدينة فما مر عن دار (١٣) من دور الأنصار إلا قالوا : هلم يا رسول الله إلى العدد والعدة. ويعترضون ناقته ، فيقول :
__________________
(١) عليهالسلام أ ج د ه : «ص» ب.
(٢) واجتمعت أ ج ه : وأجمعت قريش ب د.
(٣) الأنفال : [٣٠].
(٤) ينظر : ابن هشام ٢ / ٩٩.
(٥) وخرج أ ج ه : ثم خرج ب د.
(٦) الاثنين أ : يوم الاثنين ب ج د ه.
(٧) قباء : بالضم قرية قرب المدينة ، وهي مساكن بني عمرو بن عوف من الأنصار على بعد ميلين من المدينة ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٨١ ؛ البغدادي ، مراصد ٣ / ١٠٦١ ؛ الحميري ٤٨١.
(٨) التوبة : [١٠٨].
(٩) رجال ب ج د ه : ـ أ.
(١٠) وكانت أ ب ج د : وكان ه.
(١١) ينظر : ابن هشام ٢ / ١٠٠ ؛ ابن الجوزي ، تلقيح ١٠٤٣.
(١٢) ينظر : ابن هشام ٢ / ١٠٢ ؛ الطبري ، تاريخ ٢ / ٣٩٦ ؛ ٣٩٧ ؛ ابن سيد الناس ١ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦.
(١٣) عن دار أ ج ه : على دار ب د.