«خلّوا سبيلها فإنها مأمورة» ، حتى انتهت إلى موضع مسجد النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، فبركت هناك ، فنزل عنها النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، وأخذ (١) أبو أيوب الأنصاري (٢) الناقة إلى بيته.
وكان موضع (٣) المسجد مربدا للتمر لسهل وسهيل ابني عمر ، يتيمين في حجر أسعد بن زرارة (٤) ، فقال رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، حين بركت ناقته : «هذا إن شاء الله المنزل». ثم دعا الغلامين فساومهما بالمربد (٥) ليتخذه مسجدا ، فقالا : لا بل نهبه لك يا رسول الله ، فأبى أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما ، ثم بناه مسجدا. وطفق رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، ينقل معهم اللبن في بنائه.
وقيل : بل كان الموضع لبني النجار ، وكان فيه قبور المشركين وخرب ونخل ، فأراد النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، أن يشتريه من بني النجار فقال لهم : «يا بني النجار ثامنوني حائطكم» ، فقالوا : لا نطلب ثمنه إلا إلى الله ، فأمر رسول الله ، عليهالسلام (٦) ، بقبور المشركين فنبشت ، وبالخرب فسويت ، والنخل فقطع. قال : «فصفوا النخل قبلة المسجد» وجعلوا عضادتيه (٧) حجارة ، وجعلوا ينقلون ذلك الصخر وهم يرتجزون ورسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، يقول :
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة |
|
فانصر الأنصار والمهاجرة (٨)(٩) |
وأقام رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، عند أبي أيوب حتى بنى مسجده ومساكنه. وكان قبله يصلي (١٠) حيث أدركته الصلاة. وبناه هو والمهاجرون والأنصار ، رضوان الله عليهم أجمعين.
__________________
(١) وأخذ ب ج د ه : فأخذ أ.
(٢) خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة الأنصاري ، شهد العقبة مع السبعين وشهد الغزوات مع الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وشارك في غزو القسطنطينية في زمن يزيد بن معاوية وتوفي هناك سنة ٥٢ ه / ٦٧٢ م ، ينظر : ابن خياط ، تاريخ ١٥٩ ؛ ابن سعد ٣ / ٣٦٨ ؛ ابن حبان ، تاريخ ٨٦ ؛ ابن عبد البر ٤ / ١٦٠٦.
(٣) موضع ب ج د ه : ـ أ.
(٤) أسعد بن زرارة ... بن مالك بن النجار ، من الستة الرهط الذين استجابوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حين دعاهم إلى الإسلام ، شهد العقبتين ، وكان نقيبا ، ومات في السنة الأولى للهجرة ٦٢٢ م ، ينظر : ابن هشام ٢ / ٥٦ ؛ ابن سعد ٣ / ٤٥٦ ؛ ابن حبان ، تاريخ ٢٧ ؛ ابن حجر ، الإصابة ١ / ٣٢.
(٥) بالمربد أ ج ه : المربد ب د.
(٦) عليهالسلام أ : صلىاللهعليهوسلم ب ج د ه.
(٧) عضادتا الشيء : الخشبتان تكون على جانبيه ، وعضادتا الباب : خشبتان منصوبتان مثبتتان في الحائط ، ينظر : ابن منظور ، لسان ٣ / ٢٩٤ ؛ المعجم الوسيط ٢ / ٦٢٩.
(٨) ينظر : ابن هشام ٢ / ١٠٢ ؛ ابن سيد الناس ١ / ٢٣٦.
(٩) عيش إلا عيش الآخرة ب د ابن هشام : خير إلا خير الآخرة أ ج ه.
(١٠) وكان قبله يصلي ... أجمعين أ ب د ه : ـ ج.