المدينة ومعه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ولم يكن فيهم إلا فارسان ، وكانت الإبل سبعين يتعاقبون عليها ، ونزل في بدر وبنى له عريش وجلس عليه ومعه أبو بكر.
وأقبلت قريش ، فلما رآهم رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، قال : «اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها (١) وفخرها تكذّب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني به (٢)» ، ولم يزل كذلك (٣) ، والتقى الصفان وتزاحف القوم ، ورسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، ومعه أبو بكر في العريش وهو يدعو ويقول : «اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض ، اللهم أنجز لي ما وعدتني به» ، ولم يزل كذلك حتى سقط رداؤه فوضعه أبو بكر عليه ، وخفق رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، ثم انتبه فقال : «أبشر أبا بكر فقد أتى نصر الله».
ثم خرج رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، من العريش يحرض المسلمين على القتال ، وأخذ حفنة من الحصا (٤) ورمى بها قريش وقال : «شاهت الوجوه» ، وقال لأصحابه : «شدوا عليهم» ، فكانت الهزيمة على المشركين ، وكانت الوقعة صبيحة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان (٥) ، وحمل عبد الله بن مسعود رأس أبي جهل بن هشام إلى النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، فسجد شكرا لله تعالى.
ونصر الله نبيه بالملائكة قال تعالى : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١٠) (٦).
وكانت عدة قتلى بدر من المشركين سبعين رجلا والأسرى كذلك (٧) وكان من جملة الأسرى العباس (٨) عم النبي (٩) ، صلىاللهعليهوسلم ، ولما انقضى القتال أمر النبي ، عليه
__________________
(١) بخيلائها ب ج د ه ابن هشام : بخيلها أ.
(٢) ينظر : ابن هشام ٢ / ١٩٦.
(٣) ولم يزل كذلك ب ج د ه : ـ أ.
(٤) الحصا ب : الحصى أ ج د ه.
(٥) ينظر : المصدر نفسه ٢ / ١٩٦.
(٦) الأنفال : [٩ ، ١٠].
(٧) ينظر : ابن هشام ٢ / ٢٥٦.
(٨) العباس بن عبد المطلب بن هاشم ، أبو الفضل ، عم الرسول ، صلىاللهعليهوسلم ، أسلم قديما لكن كان يكتم إسلامه ، وقع أسيرا في بدر وفادى نفسه ورجع إلى مكة ، ثم أقبل إلى المدينة مهاجرا ، توفي العباس سنة ٣٢ ه / ٦٥٢ م ودفن في البقيع ، ينظر : ابن سعد ٣٢ / ٦٥٢ ؛ ابن حبان ، تاريخ ١٨٣ ؛ ابن الجوزي ، صفوة ١ / ٢٢٠ ؛ ابن حجر ، الإصابة ٢ / ٢٧١.
(٩) عم النبي ، صلىاللهعليهوسلم أ ج د ه : عم رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ب.