وكان الله تعالى قد أمكنه منهم ، فكانوا له فيئا ، فبذلك سمي أهل مكة الطلقاء.
ولما اطمأن الناس خرج رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، إلى الطواف ، فطاف بالبيت سبعا على راحلته واستلم الركن بمحجن (١) كان في يده ، ودخل الكعبة ورأى فيه الشخوص على صور الملائكة ، وصورة إبراهيم وفي يده الأزلام (٢) يستقسم بها فقال : قاتلهم الله جعلوا شيخنا يستقسم بالأزلام ما شأن إبراهيم والأزلام (٣) ، ثم أمر بتلك الصور (٤) فطمست ، وصلى في البيت (٥) ، ثم جلس ، صلىاللهعليهوسلم ، على الصفا واجتمع الناس لبيعته على الإسلام ، فكان يبايعهم على السمع والطاعة لله ولرسوله ، فبايع الرجال ثم النساء.
ولما جاء وقت الظهر يوم الفتح أذن بلال (٦) على ظهر الكعبة ، فقال الحارث بن هشام (٧) : ليتني مت قبل هذا. وقال خالد بن أسيد (٨) : لقد أكرم الله أبي فلم ير هذا اليوم. فخرج عليهما رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، ثم ذكر لهما ما قالاه ، فقال الحارث بن هشام : أشهد أنك لرسول (٩) الله ، ما اطلع على هذا أحد فيقول (١٠) أخبرك.
وقام (١١) علي ، رضياللهعنه ، ومفتاح الكعبة في يده فقال : يا رسول الله ، اجمع لنا الحجابة مع السقاية ، فقال رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم : «أين عثمان بن طلحة» (١٢)؟ فدعي له ، فقال : «هاك مفتاحك اليوم يا عثمان (١٣) يوم بر ووفاء» ، وقال : «خذوها
__________________
(١) المحجن : عصا معقفة الرأس ، ينظر : ابن منظور ، لسان ١٣ / ١٨٠ ؛ المعجم الوسيط ١ / ١٦٥.
(٢) الأزلام : السهام التي يستقسم بها ، ينظر : ابن منظور ، لسان ١٢ / ٢٧٠ ؛ المعجم الوسيط ١ / ٤١٣.
(٣) ينظر : ابن هشام ٤ / ٤١.
(٤) بتلك الصور أ ج د ه : بتلك الصورة ب.
(٥) وصلى في البيت أ ب ج د : وصلى بالبيت ه.
(٦) بلال بن رباح مؤذن الرسول ، صلىاللهعليهوسلم ، أعتقه أبو بكر الصديق رضياللهعنه ، مات سنة ٢٠ ه / ٦٤٠ م ، ينظر : ابن خياط ، الطبقات ٥٠ ؛ ابن سعد ٣ / ١٧٤ ؛ ابن حبان ، تاريخ ٤٣.
(٧) الحارث بن هشام بن المغيرة بن مخزوم استشهد يوم اليرموك ، ينظر : ابن خياط ، الطبقات ٥٤٨ ؛ ابن عبد البر ١ / ٣٠٧ ؛ ابن الأثير ، أسد الغابة ١ / ٣٠٧.
(٨) خالد بن أسيد بن أبي العاص بن أمية ، ينظر : ابن سعد ٦ / ٥ ؛ ابن حبان ، تاريخ ٨٥.
(٩) لرسول أ : رسول ب ج د ه.
(١٠) فيقول أ : فنقول ب ج د ه.
(١١) وقام ب ج د هت : وأقام أ.
(١٢) عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار مات سنة ٤٢ ه / ٦٦٢ م ، ينظر : ابن سعد ٦ / ٦ ؛ ابن حبان ، تاريخ ١٧١.
(١٣) اليوم يا عثمان أ : يا عثمان اليوم ب ج د ه.