وأخذ الفرنج من عند الصخرة اثنين وأربعين قنديلا من الفضة زنة كل منها ثلاثة آلاف وستمائة (١) ، وتنورا من فضة وزنة أربعون رطلا بالشامي ، وثلاثة وعشرين قنديلا من الذهب (٢).
وهزم الأفضل بن بدر الجمالي أمير الجيوش بظاهر عسقلان أقبح هزيمة (٣). وكان عند الفرنج شاعر منتجع إليهم فقال يخاطب ملك الفرنج واسمه صنجلي (٤) :
نصرت بسيفك دين المسيح |
|
فلله درك من صنجلي |
وما سمع الناس فيما روي |
|
بأقبح من كسرة الأفضل |
فتوصل الأفضل إلى ذبح هذا الشاعر.
وذهب الناس على وجوههم هاربين من الشام إلى العراق ووصل المستنفرون إلى بغداد في رمضان مستغيثين إلى الخليفة والسلطان (٥) ، منهم القاضي بدمشق أبو سعيد الهروي ، واجتمع أهل بغداد في الجوامع ، واستغاثوا وبكوا حتى أنهم أفطروا من عظم ما جرى عليهم وندب الخليفة ببغداد ، وهو المستظهر بأمر الله أبو العباس أحمد العباسي الفقهاء إلى الخروج إلى البلاد ليحرضوا الملوك على الجهاد ، فخرج الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي (٦) وغير واحد من أعيان الفقهاء ، وساروا في الناس فلم يفد ذلك شيئا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ووقع الخلاف بين السلاطين السلجوقية فتمكن الفرنج في البلاد وانزعج المسلمون في سائر ممالك الإسلام بسبب أخذ بيت المقدس غاية الانزعاج ، ثم استولى الفرنج على أكثر بلاد الساحل في أيام المستعلي بأمر الله ، فملكوا يافا وقيسارية وغيرهما من القلاع والحصون ، وكانت محنة فاحشة ، فالحكم لله العلي الكبير ، وكان الآخذ لهذه البلاد بيت المقدس وغيره بردويل الفرنجي (٧).
__________________
(١) ثلاثة آلاف وستمائة درهم ، ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٨ / ١٨٩.
(٢) ينظر : ابن الجوزي ، المنتظم ١٧ / ٤٧ ؛ ابن الأثير ، الكامل ٨ / ١٨٩.
(٣) ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٨ / ١٨٩ ـ ١٩٠.
(٤) هو ريموند دي سان جبل ، قومس تولوز Raymond de Saint ـ Gilles ، ينظر : الصوري ١ / ٤١ ؛ رنسيمان ١ / ٢٤٣.
(٥) ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٨ / ١٨٩.
(٦) في ابن الأثير : «فأمر الخليفة أن يسير القاضي أبو محمد الدامغاني ، وأبو بكر الشاشي ، وأبو الوفا ابن عقيل وأبو سعد الحلواني وأبو الحسين بن سماك فساروا إلى حلوان فبلغهم قتل محمد الملك البلاساني ... فعادوا من غير بلوغ أرب ولا قضاء حاجة» ، ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٨ / ١٨٩.
(٧) هو تحريف لاسم بغدوين ملك القدس والذي توج بعد موت أخيه غودفري دي بويون واستمر ملكه