وذلك في أيام الإمام الأعظم ، والخليفة المكرم (١) ، أمير المؤمنين ابن عم سيد المرسلين ، ووارث الخلفاء الراشدين ، الإمام الناصر لدين (٢) الله ، هو أبو العباس أحمد بن الإمام المستضيء بالله بن محمد بن الحسن بن الإمام المستنجد بالله أبي المظفر يوسف بن الإمام المقتفي لأمر الله أبي عبد الله (أبي العباس) محمد بن الإمام المستظهر بالله أحمد بن الإمام المقتدي بالله أبي القاسم عبد الله بن محمد الذخيرة بن الإمام القائم بأمر الله أبي جعفر عبد الله بن الإمام القادر بالله أبي العباس أحمد بن الأمير إسحاق بن الإمام المقتدر بالله أبي الفضل جعفر بن الإمام المعتضد بالله أبي العباس أحمد بن الموفق بالله أبي أحمد طلحة بن الإمام المتوكل على الله أبي الفضل جعفر بن الإمام المعتصم بالله أبي إسحاق محمد بن الإمام الرشيد أبي جعفر هارون بن الإمام المهدي أبي عبد الله محمد بن الإمام المنصور أبي جعفر عبد الله ، باني مدينة السلام بغداد ، ابن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، رضياللهعنه وعن أسلافه الطاهرين.
وقد حكي : أن السلطان لما كثرت فتوحاته بالسواحل (٣) ، وأوجع فيهم بسهامه وسطوته ، وكان لا يتجاسر على فتح بيت المقدس لكثرة ما فيه من الأبطال والعدة ، لكونه كرسي دين النصرانية ، وكان في بيت المقدس شاب (٤) مأسور من أهل دمشق ، كتب هذه الأبيات ، وأرسل بها إلى الملك صلاح الدين على لسان القدس فقال :
يا أيها الملك الذي |
|
لمعالم الصلبان نكس |
جاءت إليك ظلامة |
|
تسعى من البيت المقدس |
كل المساجد طهرت |
|
وأنا على شرفي منجس (٥) |
فكانت هذه الأبيات هي الداعية له إلى فتح بيت المقدس ويقال : إن السلطان وجد في ذلك الشاب أهلية فولاه خطابة المسجد الأقصى. وكان السلطان الملك الناصر ، رحمه الله ، لما عزم على الفتح كتب يستدعي للجهاد من جميع البلاد وبرز (٦) من دمشق يوم السبت مستهل شهر الله المحرم
__________________
(١) المكرم أ ج ه : الأكرم ب : ـ د.
(٢) أحمد أبو العباس بن المستضيء ولد سنة ٥٥٣ ه / ١١٥٨ م ، بويع بالخلافة يوم وفاة أبيه ومات سنة ٦٢٢ ه / ١٢٢٥ م ، ينظر : ابن الجزري ١٢١ ـ ١٢٢ ؛ ابن كثير ، البداية ١٣ / ١٠٦ ـ ١٠٧ ؛ أبو الفداء ، المختصر ٣ / ٦٢ ؛ ابن العبري ٢١٧ ـ ٢٤٢ ؛ الصفدي ١ / ٦٢ ـ ٦٨ ؛ السيوطي ٥١٣ ـ ٥٢٤.
(٣) بالسواحل أ : في السواحل ب ج ه : ـ د.
(٤) شاب ب : ـ ب ج د ه.
(٥) على شرفي منجس ب ج ه : ـ أ د.
(٦) ينظر : المقريزي ، السلوك ١ / ٢٠٧.