تبنين (١) لحفظ البلاد ، وكان صهره سعد الدين كمشبه بالكرك موكلا بحصاره ، فراسل الفرنج الملك العادل في الأمان فتمنع ثم صالحهم وسلموا الحصن.
محاصرة صفد وفتحها (٢)
ثم سار السلطان حتى نزل على صفد وجاء الملك العادل وشرعوا في حصار القلعة ورميها بالمجانيق (٣) ، واستمر الحال على ذلك إلى ثامن شوال وصعب فتحها حتى أذن الله تعالى وسهل ، فأذعنوا وأخرجوا من عندهم من أسارى (٤) المسلمين ليشفعوا لهم من طلب الأمان ، وسلمت للمسلمين وخرج فيها من الكفار إلى صور.
ولما أشرفت صفد على الفتح شرع الفرنج في تقوية قلعة كوكب ، وأجمعوا على تسيير مائتي رجل من الأبطال المعدودين ليكمنوا للمسلمين في الطريق ، فعثر بواحد منهم بعض جند المسلمين ، فأمسكه وأتى به إلى صارم الدين قايماز (٥). فأخبر بالحال وأن الكمين بالوادي ، فركب إليهم في أصحابه والتقطهم عن آخرهم وأحضرهم إلى السلطان وهو على صفد ، وكان فيهم مقدمان على (٦) الإسبتارية فأحضرا عند السلطان ، فأنطقهما الله وقالا : ما نظن أننا بعدما شاهدناك يلحقنا سوء. فمال إلى كلامهما وأمر بإعتاقهما ، فإن تلك الكلمة أوجبت عدم قتلهما ، فإنه كان لا يبقي على أحد من الإسبتارية (٧) والداوية ، وفتح الله صفد في ثامن شوال.
حصار كوكب وفتحها (٨)
وسار السلطان إلى كوكب وهي في غاية الحصانة فحاصرها وقاتل من فيها أشد قتال ، وحصل الضيق الزائد لوقوع البرد الشديد وقوة الشتاء ، وما زال السلطان ملازما للحصن بالرمي حتى تهدم غالب بنيانه (٩) ونصر الله المسلمين وملكوا كوكب
__________________
(١) تبنين : بلدة بين دمشق وصور ، ينظر : البغدادي ، مراصد ١ / ٢٥٣.
(٢) ينظر : الأصفهاني ، الفتح ٢٦٨ ؛ ابن الأثير ، الكامل ٩ / ١٩٦ ؛ ابن شداد ٧٥ ؛ أبو شامة ، الروضتين ٢ / ١٣٥ ؛ ابن كثير ، البداية ١٢ / ٣٣٠.
(٣) المجانيق ب د : المناجيق أ ه : ـ ج.
(٤) أسارى أ ه : أسرى ب : الأسرى د : ـ ج.
(٥) صارم الدين قايماز بن عبد الله النجمي ، كان من أكابر الدولة الصلاحية وكان عند صلاح الدين بمنزلة الأستاذ ، توفي سنة ٥٩٦ ه / ١١٩٩ م ، ينظر : أبو شامة ، الذيل ١٧.
(٦) على أ ج د ه : من ب / / الاسبتارية ب ه : الإسبتارية أ : ـ ج د.
(٧) الإسبتارية أ : الإستبارية ب ه : ـ ج د.
(٨) ينظر : الأصفهاني ، الفتح ٢٧٣ ؛ ابن الأثير ، الكامل ٩ / ١٩٦ ؛ ابن شداد ٧٦ ؛ أبو شامة ، الروضتين ٢ / ١٣٥ ـ ١٣٦ ؛ ابن كثير ، البداية ١٢ / ٣٣٢ ؛ المقريزي ، السلوك ١ / ٢١٤.
(٩) بنيانه أ د ه : بنائه : ـ ج.