على تل العياضية (١) ونزل العدو تلك الليلة.
واتصل خبرهم بالسلطان فرحل الثقل وبقي الناس على جرائد (٢) الخيل ، وسار العدو يوم الثلاثاء والعساكر في أحسن أهبة ، وامتد الجيش في الميمنة إلى الجبل وفي الميسرة إلى النهر بقرب البحر والسلطان في القلب.
فسار حتى وقف على تل عند الخروبة وحوله أولاده وأخوه وخواص أمرائه وأمراء القبائل من الأكراد ، وسار الفرنج شرقي النهر مواجهين حتى وصلوا إلى رأس النهر فانقلبوا إلى غربيه ونزلوا على التل بينه وبين البحر والسلطان في خيمة لطيفة يشاهد القوم.
وأصبح الفرنج يوم الأربعاء راكبين إلى ضحوة النهار والمسلمون قد قربوا منهم ، فأحس الفرنج بالخذلان فساروا وولوا مدبرين. فتبعهم عسكر المسلمين (٣) ورموهم بالسهام وهم مجتمعون في سيرهم ، وكما صرع منهم قتيل حملوه ودفنوه حتى لا يظهر للمسلمين كسرهم ، ونزلوا ليلة الخميس وقطعوا (٤) الجسر ، وأصبحوا بكرة الخميس وقد دخلوا إلى مخيمهم فعاد السلطان إلى محله. وكان مع الفرنج الخارجين المركيس والكندهري وأقام ملك الألمان على عكا.
وقعة الكمين (٥)
اقتضى رأي السلطان أن يرتب كمينا للعدو فجمع يوم الجمعة الثاني والعشرين من شوال رجاله وأبطاله وانتخب منهم من عرف بالشجاعة وأمرهم أن يكمنوا (٦) على ساحل البحر. فمضوا وأكمنوا ليلة السبت ، وخرجت منهم عدة يسيرة بعد الصباح ، ودنوا من الفرنج ، فطمعوا فيهم وحملوا عليهم وطردوهم ، فانهزم المسلمون أمامهم حتى وقفوا على الكمين ، فخرجوا عليهم فلم يستطع فارس منهم أن يفر ، فقتل معظمهم ووقع في الأسر خازن الملك وعدة من الإفرنسيسية ومقدمهم.
وجاء الخبر للسلطان فركب بمن معه ووقف على تل كيسان وشاهد النصر
__________________
(١) تل العياضية ابن شداد : تل الصياصية أ ب د ه : ـ ج.
(٢) الجرائد : مفردها جريدة وهي الفرقة من العسكر الخيالة لا رجالة فيها ، والمقصود هنا هو سير السلطان على وجه السرعة دون أن يأخذ معه أثقالا ، ينظر : جب ١١١.
(٣) المسلمين أ د : الإسلام ب ه : ـ ج.
(٤) وقطعوا أ د : فقطعوا ب ه : ـ ج.
(٥) ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٩ / ٢٠٩ ؛ ابن شداد ١٣٠ ـ ١٣١ ؛ أبو شامة ، الروضتين ٢ / ١٨٠ ـ ١٨١.
(٦) أن يكمنوا ب د ه : أن يمكنوا أ : ـ ج / / واكمنوا أ ه : وكمنوا ب د : ـ ج.