فتسارع العسكر إليهم وقربوا من خيامهم وأحاطوا بهم. فركب الفرنج وحملوا على الناس حملة واحدة ، فاندفعوا بين أيديهم ، فاستشهد ثلاثة ، وكان السلطان في كل يوم يركب ، ولا يخلو من وقعة (١) يقتل فيها الكفار.
وقعة الكمين (٢)
وفي ليلة الأربعاء سادس عشر شوال أمر السلطان رجال الحلقة المنصورة بأن يكمنوا في جهة يمينها. وخرج الفرنج للاحتشاش ، ولقيهم أعراب فتواقعوا معهم ، وخرج الكمين ، واقتتلوا معهم وقتل جماعة من الكفار ، واستشهد ثلاثة من المماليك الخواص ، وأسر من الفرنج فارسان ، وأحضرا للسلطان ، وانفصل الحرب وقت الظهر.
اجتماع الملك العادل بملك الإنكثير (٣)
وفي يوم الجمعة ثامن عشر شوال ضرب الملك العادل بقرب اليزك لأجل ملك الإنكثير ثلاث خيام وجهز فاكهة وحلوى وطعاما وحضر ملك الإنكثير وطالت بينهما المحادثة وافترقا عن غير موافقة ، ومضى الملك.
وكان قد وصل صاحب صيدا من صور برسالة المركيس لطلب الصلح مع السلطان حتى يقوي يده على ملك الإنكثير ، وبلغ ذلك ملك الإنكثير فوصل رسوله أيضا بنظير هذا الأمر ، ومضى القول مع صاحب صيدا إلى المركيس على شرائط شرطت عليه ، وأما مراسلة الملك فلم ينتج منها أمر ، وكلما حصل الاتفاق معه على شيء نقضه ، وكلما قال قولا رجع عنه ، فلعنة الله عليه.
وفي يوم الأحد سابع عشر (٤) من شوال عاد السلطان إلى المخيم بالنطرون ورحل الفرنج يوم السبت ثالث ذي القعدة ، وتقدموا إلى الرملة ونزلوا بها ولم يشك أنهم على قصد القدس.
وأقام السلطان في كل يوم سرايا ، وصار لهم في كل يوم وقعة ، وما يخلو من أسرى تقاد إليه. ثم هجم الشتاء وتوالت الأمطار فعزم على الرحيل.
__________________
(١) وقعة ب ج د ه : وقفة أ.
(٢) ينظر : ابن شداد ١٨٤ ـ ١٨٥ ؛ أبو شامة ، الروضتين ٢ / ١٩٤.
(٣) ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٩ / ٢١٧ ؛ أبو شامة ، الروضتين ٢ / ١٩٤.
(٤) عشر أ ج : عشري ب د ه.