استيلاء الفرنج على قلعة الداروم (١)
وقلعة الداروم (٢) هذه على حد مصر خلف غزة وكانت منها مضرة كبيرة ، فلما شرع الفرنج في عمارة عسقلان ترددوا إليها مرارا ، ثم نزل (٣) الفرنج عليها واشتد زحفهم إليها عشية السبت تاسع جمادى الأولى بعد أن نقبوها ، وطلب أهلها الأمان فلم يؤمنوا ، ولما عرف الوالي بها أنهم مأخوذون عمد إلى الخيل والجمال والدواب فعرقبها (٤) وإلى الذخائر فأحرقها. وفتحوها بالسيف وقتلوا من بها وأسروا منهم عدة يسيرة. وكانت نوبة كبيرة على الإسلام.
ثم رحل الفرنج عنها ونزلوا على ماء يقال له الحسي يوم الخميس رابع عشر الشهر ، ثم تركوا خيامهم وساروا على قصد قلعة يقال لها مجدل الجبان ، فخرج عليهم المسلمون وقاتلوهم قتالا شديدا ، وقتل منهم خلق كثير وانهزموا.
ثم رحلوا من الحسي يوم الأحد سابع عشر الشهر وتفرقوا فريقين فبعضهم عاد إلى عسقلان وبعضهم جاء إلى بيت جبريل ، فتقدم السلطان إلى العساكر لمبارزتهم (٥).
وفي يوم السبت الثالث والعشرين نزلوا بتل الصافية (٦). / / ونزلوا يوم الثلاثاء السادس والعشرين بالنطرون ، فأرجف بقصدهم القدس ، ثم ضربوا خيامهم يوم الأربعاء على بيت نوبة.
وأظهر السلطان الإقامة بالقدس ، وفرق الأمراء على الأبراج ، وجرت وقعات وكبسات. وفي يوم السبت نزل الناس إليهم وقاتلوهم في خيامهم. وركب العدو وساق إلى قلونية (٧) وهي ضيعة من القدس على فرسخين وعاد منهزما.
وفي يوم الثلاثاء ثالث جمادى الآخرة خرج كمين في طريق يافا على قافلة
__________________
(١) ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٩ / ٢١٩ ؛ ابن شداد ١٩٤ ؛ أبو شامة ، الروضتين ٢ / ١٩٦ ؛ المقريزي ، السلوك ١ / ٢٢٣.
(٢) الداروم : قلعة بعد غزة للقاصد إلى مصر ، بينها وبين الساحل مقدار فرسخ ، خربها صلاح الدين لما ملك الساحل وتعرف اليوم بدير البلح ، ينظر : البغدادي ، مراصد ٢ / ٥٨ ؛ شراب ٣٦٩.
(٣) نزل أ ه : نزلت ب : ـ ج د.
(٤) فعرقبها ب : فعرقبوها أ ه : ـ ج د.
(٥) لمبارزتهم أ ج د ه : بمبارزتهم ب.
(٦) تل الصافية : حصن من أعمال فلسطين تقع بين الخليل والرملة ، ينظر : البغدادي ، مراصد ١ / ٢٧١ ؛ الدباغ ٩ / ٢٩٦ ؛ أبو حمود ٤٥ ؛ شراب ٢٣١.
(٧) قلونية : إحدى قرى بيت المقدس ، دمرها اليهود عام ١٩٤٨ م ، وأقاموا عليها المستعمرات ، ينظر : البغدادي ، مراصد ٣ / ١١٥٩ ؛ شراب ٥٩١.