صلاة الصبح وغسله الفقيه ضياء الدين أبو القاسم عبد الملك بن يزيد الدولعي (١)(٢) الشافعي ، خطيب جامع دمشق ، وأخرج بعد صلاة الظهر من نهار الأربعاء في تابوت مسجى بثوبه (٣) ، وجميع ما احتاج إليه في تكفينه أحضره القاضي الفاضل من جهة حل عرفة ، وصلى عليه الناس ، وكثر عليه التأسف من الخلق واشتد حزنهم لفراقه ، ودفن في قلعة دمشق في الدار التي كان مريضا فيها ، وكان نزوله إلى قبره وقت صلاة العصر.
وكان يوم موته لم يصب الإسلام بمثله منذ فقد الخلفاء الراشدين ، رضياللهعنهم ، وغشي القلعة والدنيا وحشة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى. قال العماد الكاتب : مات بموت السلطان رجاء الرجال ، وفات بفواته الاتصال ، وغاصت الأيادي ، وفاضت الأعادي ، وانقطعت الأرزاق ، وادلهمت الآفاق ، وفجع (٤) الزمان بواحده وسلطانه ، ورزىء الإسلام بمشيد أركانه (٥). وأرسل الملك الأفضل الكتب بوفاة (٦) والده إلى أخيه العزيز عثمان بمصر وإلى أخيه الظاهر غازي (٧) بحلب وإلى عمه الملك العادل بالكرك.
ثم إن الملك الأفضل عمل لوالده تربة قرب الجامع (٨) الأموي ، وكانت دارا لرجل صالح ـ ونقل إليها السلطان يوم عاشوراء ، سنة ٥٩٢ ه (٩)(١٠) ، ومشى الأفضل بين يديه تابوته وأخرج من باب القلعة على دار الحديث إلى باب البريد ، وإدخل إلى الجامع ووضع قدام الستر ، وصلى عليه القاضي محي الدين بن القاضي زكي الدين بالجامع الأموي ، ثم دفن وجلس ابنه الملك الأفضل في الجامع ثلاثة أيام للعزاء.
__________________
(١) ضياء الدين أبو القاسم بن زيد ... الدولعي الشافعي ، خطيب جامع دمشق ، توفي سنة ٥٩٨ ه / ١٢٠١ م ، ينظر : أبو شامة ، الذيل ٣١ ؛ ابن خلكان ٧ / ٢٠٣ ؛ ابن كثير ، البداية ١٣ / ٣٣ ؛ ابن تغري بردي ، النجوم ٦ / ١٦٢ ؛ ابن العماد ٣٣٦.
(٢) الدولعي أ ب ج د : الدولقي ابن خلكان.
(٣) بثوبه أ : بثوب ب ج د ه / / ما احتاج إليه ب ج د ه : احتياجه أ.
(٤) وفجع أ ج د ه : فجع ب.
(٥) ينظر : الأصفهاني ، الفتح ٦٢٨.
(٦) الكتب بوفاة والده إلى أخيه أ ب ج د : ـ ه.
(٧) الظاهر غازي أ ج د ه : الظاهر الغازي ب.
(٨) قرب الجامع أ : بالقرب من الجامع ب ج د ه.
(٩) سنة ٥٩٢ أ ه : اثنتين وتسعين وخمسمائة ب ج د.
(١٠) ٥٩٢ ه / ١١٩٥ م.