فلما طال ذلك شكاهم إلى الله تعالى فأوحى الله (١) أنه لن يؤمن لك من قومك إلّا من قد آمن ، فلما آيس منهم دعا عليهم فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٢٦) (٢). فأوحى الله إليه أن اصنع السفينة فصنعها من خشب الساج ، فلما أقبل على عمل الفلك وجعل يقطع الخشب ويضرب الحديد ، وكان قومه يمرون عليه وهو في عمله ويسخرون (٣) منه ويقولون يا نوح قد صرت نجارا بعد النبوة ويضحكون (٤) : (قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ ـ إذا عاينتم عذاب الله ـ كَما تَسْخَرُونَ) (٣٨) (٥)(٦) ، واتخذ السفينة / / وكان طولها [٥ / ب] ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا وطولها في السماء ثلاثون (٧) ذراعا ، وقيل غير ذلك.
فلما فار التنور وكان هو الآية بين نوح وبين ربه حمل نوح من أمره الله بحمله من أهله وغيرهم سوى ولده كنعان فإنه كان كافرا ، ثم أدخل في السفينة ما أمره الله به من الدواب ، واختلف في موضع التنور فقيل : كان بالكوفة (٨) ، وقيل : بالشام ، وقيل غير ذلك.
فلما دخل نوح ومن معه السفينة فتح الله ، عز وجل ، عيون الماء ففارت الأرض والتقت البحار (٩) ، وأمطر الله من السماء ، وارتفع الماء ، وجعلت الفلك تجري بهم في موج كالجبال ، وعلا الماء على رؤوس الجبال أربعين ذراعا فهلك (١٠) من على وجه الأرض ، حيوان ونبات سوى عوج بن عناق ـ نسبة لأمه عناق بنت آدم ـ وهي أول من بغى (١١) وعمل الفجور ، وعملت السحر ، وجاهرت
__________________
(١) الله أ ج د : + تعالى ب ه / / أنه لن يؤمن أ ب ج د : ـ ه / / لك أ ج د ه : ـ ب.
(٢) نوح : [٢٦].
(٣) ويسخرون أ د : فيسخرون ب ج ه.
(٤) ويضحكون أ ج د : + عليه فقال لهم ب : وتضحكون ه.
(٥) هود : [٣٨].
(٦) عذاب الله أ ب ج د : ـ ه.
(٧) ثلاثون أ ج ه : ثلاثين ب د.
(٨) الكوفة : المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق ، سميت بالكوفة لا ستدارتها واجتماع الناس بها ، وهي أول مدينة اختطها المسلمون في العراق ، ينظر : البلاذري ، فتوح ٢٧٠ ـ ٢٨٤ ؛ ياقوت ، معجم البلدان ٤ / ٥٥٧ ـ ٥٦١ ؛ البغدادي ، مراصد ٣ / ١١٨٧ ؛ الحميري ٥٣٠.
(٩) والتقت البحار أ ب ج ه : والتقت الرياح والبحار د / / السماء أ ج د ه : + ماء ب / / وارتفع أ ج د ه : فارتفع ب.
(١٠) فهلك أ د ه : + كل ب د / / حيوان ونبات أ ب د : + وخلق ج ه.
(١١) بغى أ د ه : بغت ب : بغا ج / / وعمل الفجور أ ج د ه : وعمت الفجور ب.