( الفصل الثاني في تحقيق مفاد الحديث )
وقبل الدخول في البحث لا بأس بذكر بعض كلمات اللغويين في شرح معنىٰ الحديث وتوضيح المراد به.
قال أبو عبيد كما في النهاية : وفيه ـ أي في الحديث ـ لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ، الضرُّ ضد النفع ، ضرّه يضرّه ضرّاً وضراراً ، وأضرّ به يضر إضراراً ، فمعنى قوله ( لا ضرر ) أي لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئاً من حقه ، والضرار فعال من الضرّ : أي لا يجازيه علىٰ إضراره بادخال الضرر عليه. والضرر : فعل الواحد ، والضرار فعل الاثنين ، والضرر ابتداء الفعل ، والضرار : الجزاء عليه ، وقيل الضرر ما تضر به صاحبك وتنتفع به انت ، والضرار أن تضرّه من غير أن تنتفع به وقيل هما بمعنىٰ وتكرارهما للتأكيد.
وقال الازهري : روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله إنّه قال لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ، ولكل واحدة من اللفظتين معنىٰ غير الآخر ، فمعنى قوله ( لا ضرر ) اي لا يضر الرجل أخاه فينقص شيئاً من حقه أو مسلكه ، وهو ضد النفع ، وقوله ( لا ضرار ) أي لا يضار الرجل أخاه مجازاة فينقصه ويدخل عليه الضرر في شيء فيجازيه بمثله ، فالضرار منهما معاً والضرر فعل واحد ، ومعنى قوله ( ولا ضرار ) أي لا يدخل الضرر والنقصان علىٰ الذي ضرَّه ولكن يعفو عنه كقول الله : ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) (١).
هذا والكلام في تحقيق معنىٰ الحديث يقع تارة في مفاد المادة اللغوية
__________________
(١) سورة فصّلت ٤١ / ٣٤.