الوجوه التي ذكرت في تأويل جملة من الموارد التي لم يتضح فيها معنىٰ المشاركة.
ويرد علىٰ هذه الوجوه ـ مضافاً إلىٰ وضوح ضعفها في انفسها ، وعدم علاجها لجميع موارد استعمال هذا الباب ـ إنّه لا مبرر للاصرار علىٰ تأويل هذه الموارد ، بعد أن ثبت مجيء باب المفاعلة لغير المشاركة ، بل كثرة مجيئها لذلك كما يظهر بالتتبع في القواميس اللغوية ، لاحظ : شاور وسافر وجادل وسارع وساور وخادع ونافق وناجى وبادر وعاند وسامح وراجع وعاين وشاهد وكابر وزاول وضارب وآجر وزارع .. إلىٰ غير ذلك ، وقد اعترف بهذا علماء اللغة في علم الصرف حيث ذكروا لباب المفاعلة عدة معان كما سيأتي ان شاء الله.
وكيف كان فبعد وضوح عدم تمامية الاتجاه المذكور في تفسير صيغ المفاعلة ـ وهو القول بدلالتها علىٰ المشاركة دائماً ـ فهناك اتجاهان رئيسيان في هذا المجال يبتني احدهما علىٰ تعدد المعنىٰ والآخر علىٰ وحدته.
أمّا الاتجاه الأَوّل : فهو الذي سلكه علماء الصرف حيث جعلوا لهيئة باب المفاعلة عدة معان :
منها : التكثير كباب ( فعّل ) كضاعف الشيء وضعفته بمعنىٰ كثرت اضعافه ، وناعمه الله ونعمه بمعنىٰ إنّه اكثر نعمه عليه.
ومنها : أن يكون بمعنىٰ المجرد كسافرت بمعنىٰ سفرت أي خرجت إلىٰ السفر ، وربما يقال إنّه في ذلك يفيد المبالغة في الإسفار.
ومنها : جعل الشيء ذا صفة كأفعل وفعّلَ نحو راعنا سمعك وارعنا أي اجعله ذا رعاية لنا ، وصاعر خدّه وصعره ، وعافاك الله أي جعلك ذا عافية ، وعاقبت فلاناً أي جعلته ذا عقوبة.