المبدأ فيها بمعنى السعي إلى الفعل فإنّ معنى المشاركة متحقّق فيه بوضوح ، لأن المضاربة والمقاتلة لا يستعملان إلا في موارد اشتراك الطرفين في السعي إلىٰ الفعل ، فهذان المثالان قد يشهدان للقول بدلالة هيئة المفاعلة على المشاركة ، ولا شهادة فيهما علىٰ خلاف ذلك.
المسلك الثاني : ما اختاره المحقق الاصفهاني قدسسره من انّ هيئة المفاعلة معناها تعدية المادة وإسراؤها إلى الغير ممّا لم تكن تقتضي التعدي اليه بنفسها ، وتختلف نتيجة ذلك بحسب اختلاف الموارد ، فإنّ هذه الهيئة تارة توجب اخذ الفعل مفعولاً لم يكن يأخذه مباشرة وإنّما كان يصل اليه بحرف الجر ، اما لأنّه لم يكن متعدياً أصلاً كما في ( جلس اليه ) و ( جالسه ) ، أو لأنه كان متعدياً ولكن إلىٰ أمر آخر غير ما اصبح متعدياً اليه بهذه الهيئة كما في ( كتب الحديث اليه ) و ( كاتبه الحديث ) ، فإنّ المعنىٰ في ( كتب ) لم يكن يتعدى إلىٰ الهاء بنفسه فتعدى اليه في ( كاتب ).
و ( أُخرى ) لا توجب اخذ الفعل مفعولاً زائداً علىٰ ما كان يأخذه في المجرد كما في ( ضرب زيد عمراً ) و ( ضاربه ) ، وأثر باب المفاعلة في حصول التعدية إلىٰ الغير في الحالة الأولىٰ واضح ، وأما في الحالة الثانية فربما يستشكل في ذلك بتحقق التعدية في المجرد فيكون تحققها بهيئة المفاعلة من قبيل تحصيل الحاصل ، إلا انّه يندفع بأنّ التعدي في المجرد تعدية ذاتية بمعنىٰ أنّ إنهاء المادة وتعديتها إلى المفعول غيرملحوظ في الهيئة وإنّما هو لازم نسبة الفعل لمفعوله وأما في المزيد فالتعدية والانهاء إلىٰ المفعول ملحوظة في مفاد الهيئة فهي تعدية لحاظية.
فالحاصل ان هيئة المفاعلة تقتضي تعدي المادة إلى ما لم تكن تقتضي هيئة المجرد تعديها اليه سواء أكانت تتعدى اليه في المجرد باعتبار كون ذلك لازم النسبة ، أم كانت تصل اليه بوسط حرف الجّر.