فربما : يكون محتواها التحريم المولوي كما في ( لا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الحَجِّ ) (١).
واخرى : تكون ارشاداً إلىٰ عدم ترتب الاثر القانوني المترتب علىٰ الشيء كما في ( لا طلاق الا لمن اراد الطلاق ) (٢) فانه يدل علىٰ عدم حصول الفراق القانوني بانشاء الطلاق اذا لم يكن مراداً جدياً.
وثالثةً : تكون ارشاداً إلىٰ محدودية متعلق الأمر كما في ( لا صلاة إلا بطهور ) (٣) فانه يدل علىٰ محدودية الصلاة الواجبة بالطهارة.
ورابعة : تقتضي عدم وجود حكم يبعث علىٰ وجود شيء كما في ما لو قيل ( لا حرج في الدين ) ٠ إلىٰ غير ذلك من محتوياتها.
وعلى هذا فلا بُدّ في معرفة معنىٰ الحديث ، وتحقيقه من تحقيق ميزان اختلاف محتوى الكلام في هذه الموارد وغيرها رغم وحدة عنصره الشكلي ، ثم تحقيق معنىٰ الحديث علىٰ ضوء هذا الضابط العام فهنا مرحلتان :
أمّا في المرحلة الأولىٰ : فلا بُدّ قبل توضيح الميزان فيها من التنبيه علىٰ نكتة عامة فيما يتعلق بتفسير الكلام سواء أكان من قبيل صيغة الأَمر أو النهي أو النفي أو الاثبات فنقول :
ان الكلام يتألف من عنصرين عنصر شكلي يتمثل في مدلوله اللفظي ، وعنصر معنوي كامن تحت المدلول اللفظي يكون هو المحتوى الواقعي للصيغة والمصحح لاستعمالها ، وهذان العنصران لا يتحدان دائماً وان كان لا بُدّ بينهما من تسانخ وعلاقة ، ولذا تكون الصيغة الواحدة ذات
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ١٩٧.
(٢) جامع الأحاديث ١ : ٢٢٦ / ١٨٨٧ ، الفقيه ٤ : ٢٢ / ٦٧.
(٣) الوسائل ٢٢ : ٣٠ / ٢٧٩٤١ ، الكافي ٦ : ٦٢ / ٢.