فاذا لاحظنا الجهات المختلفة التي تحتضن الكلام وقدّرنا نوع التفاعل المناسب معها : أمكننا تفسير الكلام في ظل مجموع تلك الجهات.
وقد عبرنا عن هذا المنهج في تفسير الكلام ب ( منهج التفسير النفسي ) نظراً إلىٰ أن تأثير هذه الجهات في الكلام انما هو بلحاظ تأثيرها في الحالة النفسية للمتكلم أو المخاطب معها.
وبعد اتضاح هذه المقدّمة نقول : ـ ان اختلاف محتوى صيغة النفي في الموارد المذكورة ، إنما ينشأ عن اختلاف المواضيع وملابساتها وتناسبات المورد بحسبها ، كما يوجد نظير هذا الاختلاف في سائر الصيغ التي تعبّر عن الموقف الشرعي في موضوع ما.
ونحن نقتصر في هذا المجال علىٰ عرض جملة من هذه المواضيع بشكل عام لمختلف الصيغ كصيغة الأمر والنهي والنفي والاثبات في الجملة الخبرية مع توضيح كيفية تأثيرها في اختلاف محتوى الصيغة :
١ ـ الموضع الأَوّل : ان يكون مصب الحكم طبيعة تكوينية ذات اثار خارجيّة يرغب المكلفون فيها أو عنها من جهة نسبتها مع القوى الشهوية والغضبية للنفس ، من دون ان يكون هذا الحكم مسبوقاً بحكم مخالف له علماً أو احتمالاً كالأَمر بعد الحظر أو بعد توهمه.
ففي هذا الموضع يتضمن محتوى الخطاب أمرين : أحدهما : عامّ والاخر خاص بمورد صيغتي الاثبات والنفي.
اما محتواه العامّ : فهو الوعيد علىٰ الفعل أو الترك فان كانت الصيغة بعثاً كان محتواها الوعيد علىٰ الترك فيكون الفعل واجباً تكليفاً ، وان كانت الصيغة زجراً كان محتواها الوعيد علىٰ الفعل فيكون الفعل حراماً تكليفاً ، ومجموع الصيغة والمحتوى يؤلّف الحكم المولوي الخاص من ايجاب أو تحريم.