وينحلّ هذا المسلك في نفسه الىٰ عدة وجوه ، لأن النهي الذي يتضمنه الحديث تارة يجعل نهياً تحريمياً أولياً ، واخرىٰ يقال إنّه نهي تحريمي سلطاني وثالثة يدعى أنّه جامع بين النهي التكليفي والإرشادي.
ونحن نتعرض لتحقيق أصل هذا المسلك وفق الوجه الاول من هذه الوجوه لأنّه اقواها وأرجحها ، ثم نتعرض للوجهين الآخرين عقيب ذلك ، وان كانت جملة من الأبحاث الآتية في هذا الصدد ممّا يتعلق بأصل هذا المسلك فتنطبق علىٰ جميع الوجوه.
ولتحقيق هذا المسلك لا بُدّ من البحث :
أولاً : في تصويره.
وثانياً : فيما ذكر ترجيحاً له واثباتاً لتعيّنه.
وثالثاً : فيما يرد علىٰ هذا المسلك أو اورد عليه.
ورابعاً : في الوجهين الأخيرين مما قيل بناءً عليه.
فهنا ابحاث اربعة :
البحث الأَوّل : في تصوير هذا المبنى. وهو يتوقّف علىٰ توضيح امرين :
الأَوّل : كيفية ارادة النهي من هذا التركيب.
لا اشكال في ان مفاد ( لا ) في الحديث هو النفي فيكون معنىٰ الحديث استعمالاً الإخبار عن نفي الضرر والضرار علىٰ ما هو المنساق منه ، وانما اريد النهي ـ علىٰ تقديره ـ في مرحلة الإرادة تجوزاً.
والجهة المصححة لهذا الاستعمال هي التناسب الموجود بين نفي الطبيعة وبين التسبيب إلىٰ انتفائها باعتبارها فعلاً محرماً.
واما العناية الموجبة لهذا التجوز فهي اظهار المبالغة في الزجر عن الشيء حتىٰ كأنّ الفعل لا يوجد خارجاً أصلاً ، كما تستعمل صيغة الاثبات