توضيح معنى الحديث يرجع إلى نقاط ثلاث :
الأُولى : في معنى الضرر والضرار. وقد ذكر ان الضرر هو ما يقابل النفع من النقص في النفس أو الطرف أو العرض أو المال ، وقال ( ان الاظهر ان يكون الضرار جيء به تأكيداً كما يشهد به اطلاق المضار على سمرة وحكي عن النهاية ... ولم يثبت له معنى آخر غير الضرر ).
الثانية : في المراد التفهيمي بالجملتين. وقد ذكر ان تركيب ( لا ) النافية انما هو لنفي الطبيعة اما حقيقة أو ادعاءً ، كناية عن نفي الآثار كما هو الظاهر من مثل ( لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ) و ( يا أشباه الرجال ولا رجال ). والمقام من قبيل الثاني فالمقصود هو نفي حكم الضرر ، لكن الحكم الذي أريد نفيه بنفي الضرر ـ كما صرّح به ـ هو الحكم الثابت للأفعال بعناوينها أو المتوهّم ثبوته لها كذلك في حال الضرر لا الحكم الثابت للضرر بعنوانه لوضوح ان الضرر علة لنفي الحكم ـ حسب مفاد الحديث ـ فلا معنى لأَن ينفي حكم نفسه ، بل يلزم من ذلك التناقض في مرحلة الجعل ووعاء التشريع.
الثالثة : في وجه ترجيح هذا المعنى على غيره مما فسر به الحديث. والذي يظهر من مجموج كلامه في وجه ذلك :
أوّلاً : إنَّ اقرب المجازات بعد عدم امكان ارادة نفي الحقيقة حقيقة هو نفيها ادعاءً تحفظاً على نوع المعنى المُفاد استعمالاً ـ لكن على نحو التنزيل والادعاء ـ فان في المسالك الاخرى عدولاً عن ذلك.
وثانياً : ان النفي الادعائي كثيراً ما يستعمل فيه هذا التركيب حتى كان هو الغالب فيه بخلاف غيره من المعاني.
وفي النقاط الثلاث نظر.
اما النقطة الأُولى : فيرد عليها انه لا يصح القول بوحدة معنى الكلمتين