تماماً على ما اتّضح من الابحاث السابقة ، فانهما يتفقان في المعنى من جهة المادّة لكن يختلفان من جهة الهيئة لان ( الضرر ) ، اسم مصدر من الثلاثي المجرد و ( الضرار ) مصدر من باب المفاعلة من الثلاثي المزيد فيه وقد تقدّم تحقيق معناهما.
واما النقطة الثانية : فلأَن تصوير نفي الحكم بنفي موضوعه في الحديث يتوقّف على امرين :
الأَوّل : ان يكون المقصود بالضرر والضرار العمل المضر ، اذ لو اريد به نفس معناه لم يتم هذا الوجه لانه ان كان معنى اسم مصدري ـ كما هو الصحيح في كلمة ( الضرر ) ـ فانه لا معنى لنفي حكمه ، لأنّه لا حكم له والحرمة والضمان انما هما من آثار المعنى المصدري على ما هو واضح ، وان كان معنى مصدرياً كما هو الصحيح في كلمة الضرار ، فانه وان كان له حكم كالحرمة والضمان الا ان نفيهما ليس بمقصود ولا معقول كما تنبه له هو (قده).
والثاني : ان يكون نفي الحكم بلسان نفي موضوعه صحيحاً وان كان الموضوع متعلقاً للحكم لا موضوعاً له بالمعنى المصطلح وهو ما فرض وجوده ورتب عليه الحكم ك ( المستطيع ) في قوله ( يجب الحج على المستطيع ).
لكن لا يتم شيء من هذين الأَمرين.
اما الأَوّل : فلأَن قصد العمل المضر من الضرر إما بنحو المرآتية أو بنحو آخر.
فان كان بنحو المرآتية ، ففيه :
أوّلاً : ان جعل العنوان مرآة للمعنون هو خلاف الظاهر ، لان ظاهر الكلام هو ان ما اخذ مرتبطاً بالحكم في القضية اللفظيّة بنفسه مرتبط معه في القضيّة اللبية. وبهذا يفقد هذا التفسير ما جعله ميزة له في النقطة الثالثة من