المحكم لأنّ كلامهم يفسّر بعضه بعضاً.
لكن قد يشكل تفسير ( لا ضرار ) بذلك لأنّه يقتضي أن يكون معناه أن اعتقاد الإسلام لا يسبّب الإضرار بالغير وهذا معنىٰ بعيد ، لأنّ أحداً لا يتوهّم أن اعتقاد الإسلام يوجب الإضرار بالنسبة إلىٰ الغير. لكن يمكن أن يجاب عن ذلك : بأنّ المقصود بعدم تسبيبه للإضرار انّ هذا الاعتقاد لا يخوله الإضرار بالآخرين وسلب حقوقهم ، إذا كانوا ممّن يحترم ماله كالمسلم والذمّي والمعاهد.
وأمّا الثاني : وهو انطباق هذا المعنىٰ علىٰ المورد ، فقد يشكل من جهة أن عدم الإرث من المورث ليس ضرراً وإنّما هو من قبيل عدم النفع ، فلا مورد لتطبيق هذه الكبرى. لكن يمكن أن يجاب عن ذلك بأنّ الإرث وإن كان في حد ذاته انتفاعاً فعدمه ليس إلا عدم انتفاع لا ضرراً علىٰ الشخص ، إلا انّه باعتبار ثبوت حق الوراثة للشخص بالنسبة إلىٰ مال مورثه يمكن اعتبار الحكم بانتفاء هذا الحق من جهة اسلامه ضرراً ونقصاً ، كما يدلّ علىٰ ذلك تطبيق عنوان ( الإضرار ) و ( الضارة ) ونحوهما ك ( الجور والحيف ) علىٰ وصية الميت إذا كانت تشمل أكثر أمواله ـ مثلاً ـ كما في قوله تعالىٰ : ( مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ) (١) ، وفي الحديث ( قال علي عليهالسلام ما أُبالي أضررت بولدي أو سرقتم ذلك المال ) (٢) و ( قال علي عليهالسلام من أوصىٰ ولم يحف ولم يضارّ كان كمن تصدّق به في حياته ) (٣) وفيه أيضاً ( من عدل في وصية كان كمن تصدق بها في حياته ومن جار في وصيته لقىٰ الله
__________________
(١) النساء ٤ : ١٢.
(٢) الوسائل ج ١٩ كتاب الوصايا الباب ٥ ح ٢٤٥٥٥ ص ٢٦٤.
(٣) الوسائل ج ١٩ كتاب الوصايا الباب ٥ ح ٢٤٥٥٦ ص ٢٦٤.