العقول (١) ـ فإن الظاهر أنّه كان لسمرة أيضاً حق الاستطراق إلىٰ نخلته في الجملة. لكنه إنّما منع عن الدخول بدون استئذان لأنّ قاعدة ( لا ضرر ) حدّدت هذا الحق بما لا يوجب ضرراً بالأنصاري كما مرّ ذلك.
الوجه الثاني : انّه ما هو توجيه أمر النبي صلىاللهعليهوآله بقلع نخلة سمرة ؟ مع أنّه لا يجوز شرعاً التصرف في مال الغير بدون إذنه ، وليس في القواعد الشرعيّة ما يبرّر ذلك حتىٰ قاعدة ( لا ضرر ) لأنّ مفاد القاعدة إن كان مجرد تحريم الإضرار بالغير فهذا إنّما يقضي بحرمة دخول سمرة بدون الاستئذان ، حيث كان ذلك إضراراً بالأنصاري ولا يقتضي قلع نخلته ، وإن كان مفادها نفي جعل الحكم الضرري فإن مجردٍ حقّ سمرة في بقاء نخلته في ملك الأنصاري ليس ضرراً علىٰ الأنصاري لكي يكون مرفوعاً بهذه القاعدة فيسوغ قلعها ، وإنّما الحكم الضرري في ذلك هو في الاستطراق بدون الاستئذان من الأنصاري ، أو جواز ذلك فيكون هذا الحق أو الجواز هو المرفوع بمقتضىٰ هذه القاعدة بلا حاجة لقلع نخلته.
ويمكن الجواب عن هذا الوجه ـ مضافاً إلىٰ ما سيأتي في نقد الوجه الثالث من بيان إمكان تبرير هذا الأمر بقاعدة ( لا ضرر ولا ضرار ) ـ إنّه يمكن أن يكون هذا الأمر حكماً ولايتياً من قبل النبي صلىاللهعليهوآله بلحاظ ولايته في الأمور العامة ، لأنّ قلع وسيلة الإضرار من الأُمور العامة التي يتوقّف عليها حفظ النظام فيحقّ ذلك له بما أنّه حافظ للنظام وإن لم تكن له ولاية عامّة علىٰ الأموال والأنفس.
وبذلك يتضج النظر في كلام المحقّق النائيني ومن وافقه (٢) من تخريج
__________________
(١) مرآة العقول ١٩ / ٣٩٩ ـ ٤٠٠ تعليقات على الخبر ٨.
(٢) لاحظ تقريرات العلامة الخونساري : ٢٠٩ و ٢١٠ ومصباح الأصول ٢ / ٥٢٣.