هذا الأمر علىٰ الولاية العامّة علىٰ الأموال والأنفس فإنّ مجال الولاية العامة الثابتة للنبي صلىاللهعليهوآله وأئمة الهدى عليهمالسلام إنّما هو المواضيع التي لا يتوقّف عليها حفظ النظام وهي المسماة بالولاية العامة وأمّا الولاية في ما يتوقّف عليه حفظ النظام فهي المسماة بالولاية في الأُمور العامة الثابتة للفقيه المتصدي للأمور العامة المنتخب من قبل الفقهاء.
الوجه الثالث : ـ وهو أهم الوجوه ـ إنّه قد ورد في هذه القضية تعليل الأمر بالقلع ب ( لا ضرر ولا ضرار ) ففي معتبرة عبد الله بن بكير ـ بنقل الكافي ـ ( فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله للأنصاري اذهب فاقلعها وارم بها إليه فإنّه لا ضرر ولا ضرار ) مع انّ هذه القاعدة لا تبرر الأمر بالقلع علىٰ ما سبق بيانه في الوجه الثاني ، وانما أقصى ما تقتضيه عدم ثبوت حقّ الاستطراق لسمرة دون استئذان لأنّ ذلك تسبيب إلىٰ الضرر علىٰ الأنصاري لا أنها تقتضي قلع النخلة.
وقبل التعرّض للجواب عن هذا الوجه نبحث عن جهة هي انّ هذا الوجه علىٰ تقدير تماميته هل يؤدي فقط إلىٰ إجمال كيفية انطباق الحديث علىٰ المورد بحيث ينحفظ الظهور الدلالي للحديث ويكون حجة فيه ، أو انّه يمنع عن ظهوره في المعنىٰ الظاهر منه لولا هذا التطبيق وينتهي إلىٰ إجمال أصل الحديث.
الظاهر من كلام الشيخ الأنصاري (قده) في رسالة ( لا ضرر ) هو الوجه الأول حيث قال : ( وفي هذه القضية إشكال من حيث حكم النبي صلىاللهعليهوآله بقطع العذق مع انّ القواعد لا تقتضيه ، ونفي الضرر لا يوجب ذلك لكن ذلك لا يخلّ بالاستدلال ) (١).
__________________
(١) رسالة ( لا ضرر ) المطبوعة في آخر المكاسب ص ٣٧٢.