حكم امتناني فيكون آبياً عن التخصيص كقوله تعالىٰ : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) ومن المعلوم انه مخصص في جملة من الموارد.
ويرد عليه :
أوّلاً : انه لم يتضح كون العامّ الامتناني آبياً عن التخصيص إذا كان التخصيص في سياق الامتنان أيضاً.
وثانياً : انه علىٰ تقدير ثبوت ذلك فبالامكان ان يكون خروج ما خرج منه علىٰ سبيل الحكومة دون التخصيص بان تعتبر الزكاة مثلاً حكماً غير ضرري فيجب دفعها ، ولسان الحكومة لا يمس باللسان الآبي عن التخصيص لأن صيغتها نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ، فهو لسان مسالم للعام علىٰ خلاف لسان التخصيص ، كما يأتي توضيحه في التنبيه الثالث.
التقريب الثاني : ما ذكره الشيخ الانصاري (قده) في كلام مرّ ذكره من ان الحديث يكون مخصّصاً في اكثر مفاده بل الخارج منه اضعاف الباقي. وبما ان تخصيص العام في اكثر مدلوله غير جائز ، والمخصص في المقام قطعي لا يسري اليه الريب فيتوجّه الوهن إلىٰ العامّ.
والسر في عدم جواز تخصيص العام كذلك ـ علىٰ ما اوضحناه في بعض المباحث الاصولية ـ لزوم انحفاظ التناسب عقلاً بين مقامي الاثبات والثبوت ، فاذا كان الحكم بحسب المراد الجدي ومقام الثبوت مختصّاً بافراد نادرة ـ مثلاً ـ فانه لا يتناسب مع القاء خطاب عام وانما المصحح لمثل هذه الصيغة العامة ثبوت مقدار يقرب من العموم والاستيعاب حتىٰ تكون نسبة الخارج إلىٰ العموم نسبة الاستثناء إلىٰ القاعدة.
وقد اجاب الشيخ (قده) عن هذا الاشكال بقوله ( ان الموارد الكثيرة
__________________
(١) الحج : ٢٢ / ٧٨.