كما مرّ ، وسيتضح القول في ذلك تفصيلاً.
وامّا ثانياً : فلان القسمة غير حاصرة ، إذ لا يشمل مثلاً ما اذا كان الدليل الحاكم متعرضاً لنفي ما يكون معلولاً للحكم في الخارج ك ( لا حرج في الدين ).
الجهة الثالثة : في حقيقة الحكومة التضييقية مع المقارنة بينها وبين التخصيص.
ان الصفات التي يتصف بها الدليل ـ كالحكومة والورود والتزاحم والتعارض ـ تنقسم إلى قسمين :
ففئة منها يتصف بها الدليل بلحاظ محتواه ـ أعني مدلوله التفهيمي ـ كحالة التعارض والورود ، فانّ التعارض مثلاً ليس الاّ حالة تصادم بين المدلولين التفهيميين للدليلين ، ولذا لا يتحقق التعارض بين قولين يتحد المدلول التفهيمي لهما وان اختلف المراد الاستعمالي فيهما ك ( زيد جواد ) و ( زيد كثير الرماد ) وكذلك الورود فان ورود احد الدليلين على الآخر انما هو باعتبار واقع مؤداه من غير اعتبار باسلوب الدليل.
وهناك فئة اُخرى يتصف بها الدليل بلحاظ أسلوبه ولسانه في التعبير عن المعنى ، لا بلحاظ واقع مؤداه ومحتواه ، ولذلك يمكن ان يتصف الدليلان المتماثلان في المحتوى بوصفين متقابلين من هذه الفئة لمجرد الاختلاف في الاسلوب.
ومن هذه الفئة على ما نراه هي الحكومة والتخصيص.
فحقيقة الحكومة إنما هي تحديد العموم بأسلوب مسالم معه وهو اسلوب التنزيل والكناية ـ الذي هو اداء للمعنى بلسان غير مباشر ـ كنفي الملزوم استعمالاً مع ارادة نفي ما يتوهّم لازماً له. وانما كان ذلك اسلوب مسالمة لأنّ الدليل الحاكم الذي يصاغ بهذا الاسلوب لا يمثل محتواه